باب ذكر علل العربية أكلامية هى أم فقهية؟
  وعليه ما أنشده من قوله:
  * إذا اعوججن قلت صاحب قوّم(١) *
  واعتراض أبى العباس فى هذا الموضع إنما هو ردّ للرواية، وتحكّم على السماع بالشهوة، مجردة من النصفة، ونفسه ظلم لا من جعله خصمه. وهذا واضح.
  ومنه إسكانهم نحو رسل، وعجز، وعضد، وظرف، وكرم، وعلم، وكتف، وكبد، وعصر. واستمرار ذلك فى المضموم والمكسور، دون المفتوح، أدلّ دليل - بفصلهم بين الفتحة وأختيها - على ذوقهم الحركات، واستثقالهم بعضها واستخفافهم الآخر. فهل هذا ونحوه إلا لإنعامهم النظر فى هذا القدر اليسير، المحتقر من الأصوات، فكيف بما فوقه من الحروف التوامّ، بل الكلمة من جملة الكلام.
  وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد القرميسينىّ عن أبى بكر محمد بن هارون الرويانىّ، عن أبى حاتم سهل بن محمد السجستانىّ، فى كتابه الكبير فى القراءات قال: قرأ علىّ أعرابىّ بالحرم: «طيبى لهم وحسن مآب» [الرعد: ٢٩] فقلت: طوبى، فقال: طيبى، فأعدت فقلت: طوبى، فقال: طيبى؛ فلما طال علىّ قلت: طوطو، قال: (طى طى). أفلا ترى إلى هذا الأعرابىّ، وأنت تعتقده جافيا كزّا، لا دمثا ولا طيّعا؛ كيف نبا طبعه عن ثقل الواو إلى الياء فلم يؤثّر فيه التلقين، ولا ثنى طبعه عن التماس الخفة هزّ ولا تمرين، وما ظنك به إذا خلّى مع سومه(٢)،
= التصريح ١/ ٨٨، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٦١٢، ١١٧٦، وشرح شذور الذهب ص ٢٧٦، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٦، وشرح المفصل ١/ ٤٨، والشعر والشعراء ١/ ١٢٢، والكتاب ٤/ ٢٠٤، ولسان العرب (حقب)، (دلك)، (وغل)، والمحتسب ١/ ١٥، ١١٠، وتاج العروس (وغل)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١/ ٦٦، والاشتقاق ص ٣٣٧، وخزانة الأدب ١/ ١٥٢، ٣/ ٤٦٣، ٤/ ٤٨٤، ٨/ ٣٣٩، والمقرب ٢/ ٢٠٥، وهمع الهوامع ١/ ٥٤.
(١) عجز البيت من الرجز لأبى نخيلة فى شرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٩٨، وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٥، وبلا نسبة فى الكتاب ٤/ ٢٠٣، ولسان العرب (عوم). وصدر البيت:
* بالدّوّ أمثال السّفين الصّوم*
(٢) من قوله سامت الراعية والماشية والغنم تسوم سوما: رعت حيث شاءت.