باب القول على الاطراد والشذوذ
  ومنه استفيل الجمل(١)؛ قال أبو النجم:
  * يدير عينى مصعب مستفيل(٢) *
  والرابع الشاذّ فى القياس والاستعمال جميعا. وهو كتتميم مفعول، فيما عينه واو؛ نحو: ثوب مصوون، ومسك مدووف(٣). وحكى البغداديون: فرس مقوود، ورجل معوود من مرضه. وكل ذلك شاذّ فى القياس والاستعمال. فلا يسوغ القياس عليه، ولا ردّ غيره إليه. [ولا يحسن أيضا استعماله فيما استعملته فيه إلا على وجه الحكاية].
  واعلم أن الشئ إذا اطّرد فى الاستعمال وشذّ عن القياس، فلا بدّ من اتباع السمع الوارد به فيه نفسه؛ لكنه لا يتّخذ أصلا يقاس عليه غيره. ألا ترى أنك إذا سمعت: استحوذ واستصوب أدّيتهما بحالهما، ولم تتجاوز ما ورد به السمع فيهما إلى غيرهما. ألا تراك لا تقول فى استقام: استقوم، ولا فى استساغ: استسوغ، ولا فى استباع: استبيع، ولا فى أعاد: أعود، لو لم تسمع شيئا من ذلك؛ قياسا على قولهم: أخوص الرّمث. فإن كان الشئ شاذّا فى السماع مطّردا فى القياس تحاميت ما تحامت العرب من ذلك، وجريت فى نظيره على الواجب فى أمثاله.
  من ذلك امتناعك من: وذر، وودع؛ لأنهم لم يقولوهما، ولا غرو [عليك] أن تستعمل نظيرهما؛ نحو: وزن ووعد لو لم تسمعهما. فأما قول أبى الأسود:
  ليت شعرى عن خليلى ما الذى ... غاله فى الحبّ حتى ودعه(٤)
= ٧/ ١٥٩، ١٢/ ٢٣٤، ومجمل اللغة ٢/ ٢٣٧، وتاج العروس (خبل)، وديوان الأدب ٢/ ٣٢٣. وعجز البيت:
* وإن يسألوا يعصوا وإن ييسروا يغلوا*
(١) استفيل الجمل: صار كالفيل.
(٢) الرجز لأبى النجم فى لسان العرب (فيل)، وتاج العروس (قبض)، (فيل)، وأساس البلاغة (فيل)، والطرائف الأدبية ص ٦١. ويروى: يريد بدلا من: يدير.
(٣) مسك مدووف أى مخلوط أو مبلول. وانظر اللسان (داف).
(٤) البيت من الرمل، وهو لأبى الأسود الدؤلى فى ملحق ديوانه ص ٣٥٠، والأشباه والنظائر ٢/ ١٧٧، والإنصاف ٢/ ٤٨٥، وخزانة الأدب ٥/ ١٥٠، والشعر والشعراء ٢/ ٧٣٣، والمحتسب ٢/ ٣٦٤، ولأنس بن زنيم فى حماسة البحترى ص ٢٥٩، وخزانة الأدب ٦/ ٤٧١، =