باب القول على الاطراد والشذوذ
  فشاذّ. وكذلك قراءة بعضهم {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى}[الضحى: ٣] فأما قولهم:
  ودع الشئ يدع - إذا سكن - فاتّدع؛ فمسموع متّبع؛ وعليه أنشد بيت الفرزدق:
  وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحت أو مجلّف(١)
  فمعنى «لم يدع» - بكسر الدال - أى لم يتدع ولم يثبت، والجملة بعد «زمان» فى موضع جر لكونها صفة له، والعائد منها إليه محذوف للعلم بموضعه، وتقديره: لم يدع فيه أو لأجله من المال إلا مسحت أو مجلّف؛ فيرتفع «مسحت» بفعله و «مجلف» عصف عليه، وهذا أمر ظاهر ليس فيه من الاعتذار والاعتلال ما فى الرواية الأخرى. ويحكى عن معاوية أنه قال: خير المجالس ما سافر فيه البصر، واتّدع فيه البدن. ومن ذلك استعمالك «أن» بعد كاد نحو: كاد زيد أن يقوم؛ هو قليل شاذّ فى الاستعمال، وإن لم يكن قبيحا ولا مأبيّا فى القياس.
  ومن ذلك قول العرب: أقائم أخواك أم قاعدان؟ هذا كلامها. قال أبو عثمان: والقياس يوجب أن تقول: أقائم أخواك أم قاعد هما؟ إلا أن العرب لا تقوله إلا قاعدان؛ فتصل الضمير، والقياس يوجب فصله ليعادل الجملة الأولى.
  * * *
= ولأبى الأسود أو لأنس فى لسان العرب (ودع)، وبلا نسبة فى شرح شافية ابن الحاجب ١/ ١٣١، وشرح شواهد الشافية ص ٥٠.
(١) انظر الخزانة ص ٣٤٩ ج ٢، والرواية التى أوردها ابن جنى هنا رواها أبو عبيدة، ورواها ابن الأنبارى فى شرح المفضليات فى قصيدة سويد بن أبى كاهل اليشكرى. انظر الشرح ٣٩٦. (نجار).