الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الاستحسان

صفحة 174 - الجزء 1

  ووزوز⁣(⁣١)، ووكواك⁣(⁣٢) ووزاوزة، وقوقيت، وضوضيت، وزوزيت⁣(⁣٣)، وقوماة، ودوداة⁣(⁣٤)، وشوشاة، قيل: قد جاء امتناعهم من همز نظير هذه الواوات بحيث لا هاء. ألا تراهم قالوا: زحولته⁣(⁣٥) فتزحول تزحولا، وليس أحد يقول تزحؤلا. وقد جمعوا بينهما متقدّمة الحاء على الهمزة: نحو قولهم فى الدعاء: حؤحؤ.

  فإن قيل: فهذا أيضا إنما جاء فى الأصوات المكرّرة؛ كما جاء فى الأوّل أيضا فى الأصوات المكرّرة؛ نحو هؤهؤ، وقد ثبت أن التكرير محتمل فيه ما لا يكون فى غيره.

  قيل هذه مطاولة نحن فتحنا لك بابها، وشرعنا منهجها، ثم إنها مع ذلك لا تصحبك، ولا تستمرّ بك؛ ألا تراهم قد قالوا فى (عنونت الكتاب): إنه يجوز أن يكون فعولت من عنّ يعنّ، ومطاوعه تعنون، ومصدره التعنون، وهذه الواو لا يجوز همزها؛ لما قدّمنا ذكره، وأيضا فقد قالوا فى علونته: يجوز أن يكون فعولت من العلانية، وحاله فى ذلك حال عنونته على ما مضى. وقد قالوا أيضا: سرولته تسرولا، ولم يهمزوا هذه الواو؛ لما ذكرنا. فإن قيل: فلو همزوا فقالوا: التسرؤل لما خافوا لبسا؛ لقولهم مع زوال الضمّة عنها: تسرول، وسرولته، ومسرول؛ كما أنهم لمّا قالوا: وقت، وأوقات، وموقت، ووقّته أعلمهم ذلك أن همزة «أقّتت» إنما هى بدل من واو. فقد ترى الأصل والزائد جميعا متساويين متساوقين فى دلالة الحال بما يصحب كلّ واحد منهما من تصريفه وتحريفه، وفى هذا نقض لما رمت به الفصل بين الزائد والأصل.

  قيل كيف تصرّفت الحال فالأصل أحفظ لنفسه، وأدلّ عليها من الزائد؛ ألا ترى أنك لو حقّرت تسرولا - وقد همزته - تحقير الترخيم، لقلت «سريل» فحذفت الزائد ولم يبق معك دليل عليه؛ ولو حقّرت نحو «أقّتت» - وقد نقلتها إلى


(١) الوزوزة: الخفة والطيش، والوزوزة أيضا: مقاربة الخطو مع تحريك الجسد، اللسان (وزز).

(٢) الوكواك: هو الجبان.

(٣) زوزى الرجل: نصب ظهره وقارب الخطو.

(٤) هى أثر الأرجوحة.

(٥) زحل الشئ عن مقامه يزحل زحلا وزحولا وتزحول، كلاهما: زلّ عن مكانه، وزحوله هو: أزلّه وأزاله. اللسان (زحل).