الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الاستحسان

صفحة 173 - الجزء 1

  كقرواش⁣(⁣١) وجلواخ⁣(⁣٢)؛ وقرياح ككرياس⁣(⁣٣) وسرياح؛ ألا ترى أنّ أحدا لا يقول: كرواس، ولا سرواح؛ ولا يقول أحد أيضا فى شرواط⁣(⁣٤) وهلواع⁣(⁣٥): شرياط، ولا هلياع. وهذا أحد ما يدلّك على ضعف القلب فيما هذه صورته؛ لأن القلب للكسرة مع الحاجز لو كان قريّا فى القياس لجاء فى الزائد مجيئه فى الأصلىّ؛ كأشياء كثيرة من ذلك.

  ومثل امتناعهم من قلب الواو فى نحو هذا ياء من حيث كانت زائدة فلا عصمة لها، ولا تلزم لزوم الأصلى فيعرف بذلك أصلها، أن ترى الواو الزائدة مضمومة ضمّا لازما ثم لا ترى العرب أبدلتها همزة؛ كما أبدت الواو الأصليّة؛ نحو أجوه، وأقّتت. وذلك نحو التّرهوك⁣(⁣٦)، والتدهور والتسهوك⁣(⁣٧): لا يقلب أحد هذه الواو - وإن انضمّت ضمّا لازما - همزة؛ من قبل أنها زائدة، فلو قلبت فقيل: الترهؤك لم يؤمن أن يظنّ أنها همزة أصليّة غير مبدلة من واو.

  فإن قلت: ما تنكر أن يكون تركهم قلب هذه الواو همزة مخافة أن تقع الهمزة بعد الهاء وهما حلقيّان وشديدا التجاور؟ قيل يفسد هذا أن هذين الحرفين قد تجاورا، والهاء مقدّمة على الهمزة؛ نحو قولهم: هأهأت فى الدعاء⁣(⁣٨).

  فإن قلت: هذا إنما جاء فى التكرير، والتكرير قد يجوز فيه ما لولاه لم يجز؛ ألا ترى أن الواو لا توجد منفردة فى ذوات الأربعة إلا فى ذلك الحرف وحده، وهو «ورنتل»⁣(⁣٩) ثم إنها قد جاءت مع التكرير مجيئا متعالما؛ نحو وحوح⁣(⁣١٠)،


(١) القرواش: من معانيه العظيم الرأس.

(٢) الجلواخ: هو الوادى الواسع الممتلئ.

(٣) الكرياس: الكنيف.

(٤) شرواط: هو الطويل.

(٥) الهلواع من النوق: السريعة.

(٦) يقال مرّ يترهوك أى يموج فى مشيه من استرخاء مفاصله.

(٧) يقال تسهوك: مشى رويدا.

(٨) يقال هأهأ بالإبل: دعاها للعلف.

(٩) ورنتل: الشر والأمر العظيم. اللسان (ورنتل).

(١٠) الوحوحة: النفخ من شدة البرد.