الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تخصيص العلل

صفحة 180 - الجزء 1

  وانفتح ما قبلهما وعرى الموضع من اللّبس، أو أن يكون فى معنى ما لا بدّ من صحّة الواو والياء فيه، أو أن يخرج على الصحّة منبهة على أصل بابه، فإنهما يقلبان ألفا. ألا ترى أنك إذا احتطت فى وصف العلّة بما ذكرناه سقط عنك الاعتراض عليك بصحّة الواو والياء فى حوبة وجيل؛ إذ كانت الحركة فيهما عارضة غير لازمة، إنما هى منقولة إليهما من الهمزة المحذوفة للتخفيف فى حوأبة⁣(⁣١) وجيأل⁣(⁣٢).

  وكذلك يسقط عنك الإلزام لك بصحّة الواو والياء فى نحو قوله تعالى {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ}⁣[الكهف: ١٨] وفى قولك فى تفسير قوله ø {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ}⁣[ص: ٦] معناه: أى امشوا. فتصحّ الياء والواو متحرّكتين مفتوحا ما قبلهما؛ من حيث كانت الحركة فيهما لالتقاء الساكنين، فلم يعتدّ لذلك.

  وكذلك يسقط عنك الاعتراض بصحّة الواو والياء فى عور وصيد، بأنهما فى معنى ما لا بدّ فيه من صحّة الواو والياء، وهما اعورّ واصيدّ. وكذلك صحّت فى نحو اعتونوا، وازدوجوا، لمّا كان فى معنى ما لا بدّ فيه من صحّتها، وهو تعاونوا، وتزاوجوا. وكذلك صحّتا فى كروان، وصميان؛ مخافة أن يصيرا من مثال فعلان، واللام معتلة، إلى فعال، واللام صحيحة، وكذلك صحّتا فى رجل سمّيته بكروان، وصميان، ثم رخّمته ترخيم قولك يا حار، فقلت: يا كرو، ويا صمى؛ لأنك لو قلبتهما فيه، فقلت: يا كرا، ويا صما، لالتبس فعلان، بفعل، ولأن الألف والنون فيهما مقدّرتان أيضا فصحّتا كما صحّتا وهما موجودتان.

  وكذلك صحّت أيضا الواو والياء فى قوله عزّ اسمه {وَعَصَوُا الرَّسُولَ}⁣[النساء: ٤٢] وقوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}⁣[آل عمران: ١٨٦] وقوله تعالى {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً}⁣[مريم: ٢٦] من حيث كانت الحركة عارضة لالتقاء الساكنين غير لازمة. وكذلك صحّتا فى القود، والحوكة، والغيب؛ تنبيها على أصل باب، ودار، وعاب.


(١) يقال: دلو جوأبة: ضخمة.

(٢) الجيأل: الضبع. اللسان (جأل).