الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى أن العلة إذا لم تتعد لم تصح

صفحة 197 - الجزء 1

  وقول الآخر:

  * هما نفثا فى فىّ من فمويهما⁣(⁣١) *

  فإنه على كلّ حال لم يأت على أصله، وإن كان قد زيد⁣(⁣٢) فيه ما ليس منه.

  فإن قلت: فقد ظهرت اللام فى تكسير ذلك؛ نحو أفواه، وأستاه، وأحراح، قيل: قد ظهر أيضا الإعراب فى زيد نفسه، لا فى جمعه، ولم يمنع ذلك من بنائه. وكذلك القول فى تحقيره وتصريفه؛ نحو فويه، واسته⁣(⁣٣)، وحرح⁣(⁣٤).

  ومن ذلك قول أبى إسحاق فى التنوين اللاحق فى مثال الجمع الأكبر؛ نحو جوار، وغواش: إنه عوض من ضمّة الياء؛ وهذه علّة غير جارية؛ ألا ترى أنها لو كانت متعدّية لوجب أن تعوّض من ضمّة ياء يرمى، فتقول: هذا يرم، ويقض، ويستقض.

  فإن قيل: الأفعال لا يدخلها التنوين، ففى هذا جوابان: أحدهما أن يقال له:


(١) صدر البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه ٢/ ٢١٥، وتذكرة النحاة ص ١٤٣، وجواهر الأدب ص ٩٥، وخزانة الأدب ٤/ ٤٦٠ - ٤٦٤، ٧/ ٤٧٦، ٥٤٦، والدرر ١/ ١٥٦، وسر صناعة الإعراب ١/ ٤١٧، ٢/ ٤٨٥، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٥٨، وشرح شواهد الشافية ص ١١٥، والكتاب ٣/ ٣٦٥، ٦٢٢، ولسان العرب (فمم)، و (فوه)، والمحتسب ٢/ ٢٣٨، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٣٥، والأشباه والنظائر ١/ ٢١٦، والإنصاف ١/ ٣٤٥، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٧. وشرح شافية ابن الحاجب ٣/ ٢١٥، والمقتضب ٣/ ١٥٨، والمقرب ٢/ ٢٩، وهمع الهوامع ١/ ٥١. وعجز البيت:

* على النّابح العاوى أسدّ رجام*

(٢) وفى اللسان. وحذفت الهاء كما حذفت من شفة ومن عضة، وبقيت الواو طرفا متحركة فوجب إبدالها ألفا لانفتاح ما قبلها فبقى فا، ولا يكون الاسم على حرفين أحدهما التنوين، فأبدل مكانها حرف جلد مشاكل لها، وهو الميم، لأنهما شفهيتان. اللسان (فوه). وقد أورد ابن جنى فى سر الصناعة ٢/ ٥١ «فأما «الفما» فيجوز أن تنصبه بفعل مضمر، كأنه قال: وأحب الفما. ويجوز أن يكون «الفما» فى موضع رفع إلا أنه اسم مقصور بمنزلة عصا.

وعليه جاء بيت الفرزدق:

* هما نفثا فى فىّ من فمويهما*

(٣) الاستة: عظيم الاست.

(٤) رجل حرح: يحب الأحراح، جمع حر وهو الفرج.