باب فى أن العلة إذا لم تتعد لم تصح
  علّتك ألزمتك إيّاه، فلا تلم إلا نفسك؛ والآخر أن يقال له: إن الأفعال إنما يمتنع منها التنوين اللاحق للصرف، فأمّا التنوين غير ذاك فلا مانع له؛ ألا ترى إلى تنوينهم الأفعال فى القوافى لمّا لم يكن ذلك الذى هو علم للصرف؛ كقول العجّاج:
  * من طلل كالأتحمىّ أنهجن(١) *
  وقول جرير:
  * وقولى إن أصبت: لقد أصابن(٢) *
  ومع هذا، فهل التنوين إلا نون، وقد ألحقوا الفعل النونين: الخفيفة والثقيلة.
  وهاهنا إفساد لقول أبى إسحاق آخر؛ وهو أن يقال له: إن هذه الأسماء قد عاقبت ياءاتها ضمّاتها؛ ألا تراها لا تجتمع معها، فلمّا عاقبتها جرت لذلك مجراها، فكما أنك لا تعوّض من الشئ وهو موجود، فكذلك أيضا يجب ألا تعوّض منه وهناك ما يعاقبه ويجرى مجراه. غير أن الغرض فى هذا الكتاب إنما هو الإلزام الأوّل؛ لأن به ما يصحّ تصوّر العلّة، وأنها غير متعدّية.
  ومن ذلك قول الفرّاء فى نحو لغة، وثبة، ورئة، ومائة: إن ما كان من ذلك المحذوف منه الواو فإنه يأتى مضموم الأوّل؛ نحو لغة، وبرة، وثبة، وكرة، وقلة؛ وما كان من الياء فإنه يأتى مكسور الأوّل؛ نحو مائة، ورئة. وهذا يفسده قولهم: سنة، فيمن قال: سنوات(٣)، وهى من الواو كما ترى، وليست مضمومة الأوّل.
(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (بيع)، وهو للعجاج فى ديوانه ٢/ ١٣، وتخليص الشواهد ص ٤٧، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٥١٤، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٥١، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٧٩٣، وشرح المفصل ١/ ٦٤، والكتاب ٤/ ٢٠٧، والمقاصد النحوية ١/ ٢٦، وتاج العروس (بلل)، ولرؤبة فى معاهد التنصيص ١/ ١٤، وليس فى ديونه وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ٣٥٤، ولسان العرب (بيع)، وكتاب العين ٣/ ٣٩٣. وقبله:
* ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا*
(٢) عجز البيت من الوافر، وهو لجرير فى ديوانه ص ٨١٣، وبلا نسبة فى لسان العرب (روى). وصدر البيت:
* أقلّى اللوم عاذل والعتابن*
(٣) فى الكامل ٢/ ٣٧٤ «والواو فى قول بعض «سنة» فإنّ بعضهم يقول «سنهات»، وهذا الحرف =