الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى اللفظين على المعنى الواحد

صفحة 225 - الجزء 1

  وهذا واضح.

  قال أبو علىّ |: ليس بنت من ابن كصعبة من صعب، إنما تأنيث ابن على لفظه ابنة. والأمر على ما ذكر.

  فإن قلت: فهل فى بنت وأخت علم تأنيث أو لا؟

  قيل: بل فيهما علم تأنيث. فإن قيل: وما ذلك العلم؟ قيل: الصيغة (فيهما علامة تأنيثهما)، وذلك أن أصل هذين الاسمين عندنا فعل: بنو وأخو، بدلالة تكسيرهم إيّاهما على أفعال فى قولهم: أبناء، وآخاء. قال بشر بن المهلّب:

  وجدتم بنيكم دوننا إذ نسبتم ... وأىّ بنى الآخاء تنبو مناسبه!⁣(⁣١)

  فلمّا عدلا عن فعل إلى فعل وفعل وأبدلت لاماهما تاء فصارتا بنتا، وأختا كان هذا العمل وهذه الصيغة علما لتأنيثهما؛ ألا تراك إذا فارقت هذا الموضع من التأنيث رفضت هذه الصيغة البتّة، فقلت فى الإضافة إليهما: بنوىّ، وأخوىّ؛ كما أنك إذا أضفت إلى ما فيه علامة تأنيث أزلتها البتة؛ نحو حمراوىّ وطلحىّ، وحبلويّ. فأمّا قول يونس: بنتىّ وأختىّ فمردود عند سيبويه. وليس هذا الموضع موضوعا للحكم بينهما، وإن كان لقول يونس أصول تجتذبه وتسوّغه.

  وكذلك إن قلت: إذا كان سيبويه لا يجمع بين ياءي الإضافة وبين صيغة بنت، وأخت، من حيث كانت الصيغة علما لتأنيثهما فلم صرفهما علمين لمذكّر، وقد أثبت فيهما علامة تأنيث بفكّها ونقضها مع ما لا يجامع علامة التأنيث: من ياءي الإضافة فى بنوىّ، وأخوىّ؟ فإذا أثبت فى الاسمين بها علامة للتأنيث، فهلا منع الاسمين الصرف بها مع التعريف، كما تمنع الصرف باجتماع التأنيث إلى التعريف فى نحو طلحة، وحمزة، وبابهما، فإن هذا أيضا ممّا قد أجبنا عنه فى موضع آخر.

  وكذلك القول فى تاء ثنتان، وتاء ذيت، وكيت، وكلتى: التاء فى جميع ذلك بدل من حرف علّة، كتاء بنت وأخت، وليست للتأنيث. إنما التاء فى ذيّة، وكيّة، واثنتان، وابنتان، للتأنيث.


(١) البيت من الطويل، وهو لبشر بن المهلب فى الخصائص ١/ ٢٠٢، ولبعض بنى المهلب فى الخصائص ١/ ٣٣٨، وبلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ص ١٥٠، ولسان العرب (أخا).