باب فى الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ
  المدّ إنما هو الزيادة أبدا، فالأمران على ما ترى فى البعد غايتان.
  فإن قلت على هذا: فما تقول فى باب إزمول(١)، وإدرون(٢)، أملحق هو أم غير ملحق، وفيه - كما ترى - مع الهمزة الزائدة الواو زائدة؟ قيل: لا، بل هو ملحق بباب جردحل(٣) وحنزقر(٤). وذلك أن الواو التى فيه ليست مدا؛ لأنها مفتوح ما قبلها، فشابهت الأصول بذلك فألحقت بها.
  فإن قلت: فقد قال فى طومار: إنه ملحق بقسطاس، والواو كما ترى بعد الضمّة، أفلا تراه كيف ألحق بها مضموما ما قبلها. قيل: الأمر كذلك؛ وذلك أن موضع المدّ إنما هو قبيل الطرف مجاورا له؛ كألف عماد، وياء سعيد، وواو عمود.
  فأمّا واو طومار، وياء ديماس(٥) فيمن قال دياميس فليستا للمدّ؛ لأنهما لم تجاورا الطّرف. وعلى ذلك قال فى طومار: إنه ملحق لمّا تقدّمت الواو فيه، فلم تجاور طرفه.
  فلو بنيت على هذا من (سألت) مثل طومار وديماس لقلت: سوءال، وسيئال.
  فإن خفّفت الهمزة ألقيت حركتها على الحرفين قبلها، ولم تحتشم ذلك، فقلت: سوال، وسيال، ولم تجرهما مجرى واو مقروءة وياء خطيئة فى إبدالك الهمزة بعدهما إلى لفظهما، وادّغامك إيّاهما فيها، فى نحو مقروّة، وخطيّة. فلذلك لم يقل فى تخفيف سوءال، وسيئال: سوّال، ولا سيّال. فاعرفه.
  فإن قيل: ولم لم يتمكّن حال المدّ إلا أن يجاور الطّرف؟ قيل: إنما جيء بالمدّ فى هذه المواضع لنعمته وللين الصوت به. وذلك أن آخر الكلمة موضع الوقف، ومكان الاستراحة والأون(٦)؛ فقدّموا أمام الخوف الموقوف عليه ما يؤذن بسكونه، وما يخفّض من غلواء(٧) الناطق واستمراره على سنن جريه، وتتابع نطقه. ولذلك
(١) الإزمولة: المصوت من الوعول وغيرها. اللسان (زمل).
(٢) الإدرون: المعلف. والأصل. اللسان (درن).
(٣) الجردحل من الإبل: الضخم. ناقة جردحل: ضخمة غليظة. اللسان (جردحل).
(٤) الحنزقر: القصير الدميم من الناس. اللسان (حنزقر).
(٥) الديماس: الحمّام. والسّرب المظلم. اللسان (دمس).
(٦) الأون: الدّعة والسكينة والرّفق. اللسان (أون).
(٧) الغلواء: السرعة.