الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ

صفحة 250 - الجزء 1

  المدّ إنما هو الزيادة أبدا، فالأمران على ما ترى فى البعد غايتان.

  فإن قلت على هذا: فما تقول فى باب إزمول⁣(⁣١)، وإدرون⁣(⁣٢)، أملحق هو أم غير ملحق، وفيه - كما ترى - مع الهمزة الزائدة الواو زائدة؟ قيل: لا، بل هو ملحق بباب جردحل⁣(⁣٣) وحنزقر⁣(⁣٤). وذلك أن الواو التى فيه ليست مدا؛ لأنها مفتوح ما قبلها، فشابهت الأصول بذلك فألحقت بها.

  فإن قلت: فقد قال فى طومار: إنه ملحق بقسطاس، والواو كما ترى بعد الضمّة، أفلا تراه كيف ألحق بها مضموما ما قبلها. قيل: الأمر كذلك؛ وذلك أن موضع المدّ إنما هو قبيل الطرف مجاورا له؛ كألف عماد، وياء سعيد، وواو عمود.

  فأمّا واو طومار، وياء ديماس⁣(⁣٥) فيمن قال دياميس فليستا للمدّ؛ لأنهما لم تجاورا الطّرف. وعلى ذلك قال فى طومار: إنه ملحق لمّا تقدّمت الواو فيه، فلم تجاور طرفه.

  فلو بنيت على هذا من (سألت) مثل طومار وديماس لقلت: سوءال، وسيئال.

  فإن خفّفت الهمزة ألقيت حركتها على الحرفين قبلها، ولم تحتشم ذلك، فقلت: سوال، وسيال، ولم تجرهما مجرى واو مقروءة وياء خطيئة فى إبدالك الهمزة بعدهما إلى لفظهما، وادّغامك إيّاهما فيها، فى نحو مقروّة، وخطيّة. فلذلك لم يقل فى تخفيف سوءال، وسيئال: سوّال، ولا سيّال. فاعرفه.

  فإن قيل: ولم لم يتمكّن حال المدّ إلا أن يجاور الطّرف؟ قيل: إنما جيء بالمدّ فى هذه المواضع لنعمته وللين الصوت به. وذلك أن آخر الكلمة موضع الوقف، ومكان الاستراحة والأون⁣(⁣٦)؛ فقدّموا أمام الخوف الموقوف عليه ما يؤذن بسكونه، وما يخفّض من غلواء⁣(⁣٧) الناطق واستمراره على سنن جريه، وتتابع نطقه. ولذلك


(١) الإزمولة: المصوت من الوعول وغيرها. اللسان (زمل).

(٢) الإدرون: المعلف. والأصل. اللسان (درن).

(٣) الجردحل من الإبل: الضخم. ناقة جردحل: ضخمة غليظة. اللسان (جردحل).

(٤) الحنزقر: القصير الدميم من الناس. اللسان (حنزقر).

(٥) الديماس: الحمّام. والسّرب المظلم. اللسان (دمس).

(٦) الأون: الدّعة والسكينة والرّفق. اللسان (أون).

(٧) الغلواء: السرعة.