الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى أن ما قيس على كلام العرب

صفحة 358 - الجزء 1

  قياسه: كالمزرجن، من حيث كانت النون فى زرجون قياسها أن تكون أصلا؛ إذ كانت بمنزلة السين من قربوس. قال أبو على: ولكن العرب إذا اشتقّت من الأعجمىّ خلّطت فيه. قال: والصحيح من نحو هذا الاشتقاق قول رؤبة.

  * فى خدر ميّاس الدمى معرجن⁣(⁣١) *

  وأنشدناه (المعرجن) باللام. فقوله (المعرجن) يشهد بكون النون من عرجون أصلا، وإن كان من معنى الانعراج؛ ألا تراهم فسّروا قول الله تعالى: {حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}⁣[يس: ٣٩] فقالوا: هى الكباسة⁣(⁣٢) إذا قدمت فانحنت؛ فقد (كان على هذا القياس يجب) أن يكون نون (عرجون) زائدة، كزيادتها فى (زيتون)، غير أن بيت رؤبة الذى يقول فيه (المعرجن) منع هذا، وأعلمنا أنه أصل رباعيّ قريب من لفظ الثلاثيّ؛ كسبطر من سبط، ودمثر، من دمث؛ ألا ترى أنه ليس فى الأفعال (فعلن) وإنما ذلك فى الأسماء نحو علجن⁣(⁣٣)، وخلبن.

  ومما يدلّك على أنّ ما قيس على كلام العرب فإنه من كلامها أنك لو مررت على قوم (يتلاقون بينهم مسائل) أبنية التصريف؛ نحو قولهم فى مثال (صمجمح) من الضرب: (ضربرب) ومن القتل (قتلتل) ومن الأكل (أكلكل) ومن الشرب (شربرب) ومن الخروج (خرجرج) ومن الدخول (دخلخل). وفى مثل (سفرجل) من جعفر: (جعفرر) ومن صقعب⁣(⁣٤) (صقعبب) ومن زبرج (زبرجج) ومن ثرتم (ثرتمم) ونحو ذلك. فقال لك قائل: بأىّ لغة كان هؤلاء يتكلمون؟ لم تجد بدا من أن تقول: بالعربيّة، وإن كانت العرب لم تنطق بواحد من هذه الحروف. فإن قلت: فما تصنع بما حدّثكم به أبو صالح السليل بن أحمد بن عيسى بن الشيخ


(١) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص ١٦١، ولسان العرب (عرجن)، وتهذيب اللغة ٣/ ٣٢٠، وتاج العروس (عرجن) وبلا نسبة فى المخصص ١١/ ١٠٨، وكتاب الجيم ٢/ ٢٤٢، وقبله:

* أو ذكر ذات الرّبد المعهن*

(٢) الكباسة بكسر الكاف: العذق التام بشماريخه وبسره، وهو من التمر بمنزلة العنقود من العنب. اللسان (كبس).

(٣) ناقة علجن: صلبة كناز اللحم، وامرأة علجن: ماجنة. اللسان (علجن).

(٤) الصقعب: الطويل من الرجال، بالصاد والسين؛ وفى الصحاح: الطويل مطلقا. اللسان (صقعب).