باب فى أن ما قيس على كلام العرب
  عن أبى عبد الله محمد بن العباس اليزيدىّ قال: حدّثنا الخليل بن أسد النوشجانىّ قال: قرأت على الأصمعىّ هذه الأرجوزة للعجّاج:
  * يا صاح هل تعرف رسما مكرسا(١) *
  فلمّا بلغت:
  * تقاعس العزّ بنا فاقعنسسا(٢) *
  قال لى الأصمعىّ: قال لى الخليل: أنشدنا رجل:
  * ترافع العزّ بنا فارفنععا*
  فقلت: هذا لا يكون. فقال: كيف جاز للعجّاج أن يقول:
  * تقاعس العزّ بنا فاقعنسسا*
  فهذا يدل على امتناع القوم من أن يقيسوا على كلامهم ما كان من هذا النحو من الأبنية، على أنه من كلامهم؛ ألا ترى إلى قول الخليل وهو سيّد قومه، وكاشف قناع القياس فى علمه، كيف منع من هذا؛ ولو كان ما قاله أبو عثمان صحيحا ومذهبا مرضيا لما أباه الخليل ولا منع منه!
  فالجواب عن هذا من أوجه عدّة: أحدها - أن الأصمعىّ لم يحك عن الخليل أنه انقطع هنا، ولا أنه تكلّم بشئ بعده؛ فقد يجوز أن يكون الخليل لمّا احتجّ
(١) الرجز للعجاج فى ديوانه ١/ ١٨٥، ولسان العرب (بلس)، (كرس)، والتنبيه والإيضاح ٢/ ٢٦٢، وتهذيب اللغة ١٢/ ٤٤٢، وتاج العروس (بلس)، (عجنس)، (كرس)، (وكف)، وجمهرة اللغة ص ٧١٩، وأساس البلاغة (بجس)، وبلا نسبة فى لسان العرب (حلب)، ومقاييس اللغة ٥/ ١٦٩، والمخصص ١/ ١٢٦، ٥/ ١٢٣، وتاج العروس (حلب)، وتهذيب اللغة ١٠/ ٥٣. ويروى بعده:
قال نعم أعرفه وأبلسا ... وانحلبت عيناه من فرط الأسى
(٢) الرجز للعجاج فى ديوانه ١/ ٢١٠ - ٢١١، ولسان العرب (قعس) والتنبيه والإيضاح ٢/ ٢٩٧، وتاج العروس (قعس)، وأساس البلاغة (قيس)، ولرؤبة فى ديوان الأدب ٢/ ٤٦٥، ولسان العرب (قيس) ولجرير فى تاج العروس (قيس) وبلا نسبة فى ديوان الأدب ٣/ ٤٥٧، وكتاب العين ١/ ١٣٠، ٢/ ٣٤٩. وبعده:
* فبخس الناس وأعيا البخسا*