باب فى أن ما قيس على كلام العرب
  والبعاع(١)، والبحح، والضغيغة(٢)، والرغيغة؛ هذا مع ما قدّمناه من ظهور النون فى هذا الموضع.
  ومن ذلك قول أصحابنا: إن اسم المكان والمصدر على وزن المفعول فى الرباعىّ قليل، إلا أن تقيسه. وذلك نحو المدحرج، تقول: دحرجته مدحرجا، وهذا مدحرجنا، وقلقلته مقلقلا، وهذا مقلقلنا، وكذلك أكرمته مكرما وهذا مكرمك، أى موضع إكرامك، وعليه قول الله تعالى: {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}[سبأ: ١٩] أى تمزيق، وهذا ممزّق الثياب، أى الموضع الذى تمزّق فيه. قال أبو حاتم: قرأت على الأصمعىّ فى جيميّة العجّاج:
  * جأبا ترى بليته مسحّجا(٣) *
  فقال: تليله، فقلت: بليته، فقال: هذا لا يكون، فقلت: أخبرنى به من سمعه من فلق فى رؤبة، أعنى أبا زيد الأنصارىّ، فقال: هذا لا يكون، فقلت:
  جعله مصدرا، أى تسحيجا، فقال: هذا لا يكون، فقلت: فقد قال جرير:
  ألم تعلم مسرّحى القوافى ... فلا عيّا بهنّ ولا اجتلابا(٤)
  أى تسريحى، فكأنه أراد أن يدفعه، فقلت له: فقد قال الله ø: {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}[سبأ: ١٩] فأمسك.
  وتقول على ما مضى: تألّفته متألّفا، وهذا متألّفنا، وتدهورت متدهورا، وهذا متدهورك، وتقاضيتك متقاضى، وهذا متقاضانا. وتقول: اخروّط(٥) مخروّطا،
(١) البعاع: الجهاز والمتاع. والبعاع: ثقل السحاب من الماء. ألقت السحابة بعاعها أى ماءها وثقل مطرها. اللسان (بعع).
(٢) الضغيغة: الروضة الناضرة المتخيّلة. والضغيغة والرغيغة: العجين الرقيق. اللسان (ضغغ).
(٣) الرجز لرؤبة فى لسان العرب (سحج)، وللعجاج فى ديوانه ٢/ ٥٣، ولسان العرب (سحج)، وتاج العروس (سحج)، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ٤/ ١٢١. الجأب: حمار الوحش. والليت: صفحة العنق.
(٤) البيت لجرير فى ديوانه ص ٦٥١، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٩٧، والكتاب ١/ ٢٣٣، ٣٣٦، ولسان العرب (جلب)، (سحج)، وبلا نسبة فى لسان العرب (يسر)، والمقتضب ١/ ٧٥، ٢/ ١٢١.
(٥) اخروّط السير بهم: امتدّ.