باب فى الأصلين
  فـ (أوسا) منه ينتصب على المصدر بفعل دلّ عليه قوله: (لأحشأنّك) فكأنه قال (لأءوسنّك أوسا) كقول الله سبحانه {وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ}[النمل: ٨٨] لأن مرورها يدلّ على صنع الله، فكأنه قال: صنع الله ذلك صنعا، وأضاف المصدر إلى فاعله؛ كما لو ظهر الفعل الناصب لهذا المصدر لكان مسندا إلى اسم الله تعالى. وأمّا قوله (أويس) فنداء، أراد: يا أويس، يخاطب الذئب، وهو اسم له مصغّرا، كما أنه اسم له مكبّرا؛ قال:
  يا ليت شعرى عنك - والأمر أمم - ... ما فعل اليوم أويس فى الغنم(١)
  فأمّا ما يتعلق به (من) فإن شئت علّقته بنفس أوسا؛ ولم يعتدد بالنداء فاصلا لكثرته فى الكلام، وكونه معترضا به للتسديد، كما ذكرنا من هذا الطرز فى باب الاعتراض فى قوله:
  يا عمر الخير جزيت الجنّه ... فاكس بنيّاتى وأمّهنّه
  أو - يا أبا حفص - لأمضينّه(٢)
  فاعترض بالنداء بين (أو) والفعل. وإن شئت علّقته بمحذوف يدلّ عليه (أوسا) فكأنه قال: أءوسك من الهبالة، أى أعطيك من(٣) الهبالة. وإن شئت جعلت حرف الجرّ هذا وصفا لأوسا، فعلّقته بمحذوف، وضمّنته ضمير الموصوف.
  ومن المقلوب قولهم امضحلّ، وهو مقلوب عن اضمحلّ؛ ألا ترى أن المصدر إنما هو على اضمحلّ وهو الاضمحلال؛ ولا يقولون: امضحلال. وكذلك قولهم: اكفهرّ واكرهفّ، الثانى مقلوب عن الأوّل؛ لأن التصرّف (على اكفهرّ وقع)، ومصدره الاكفهرار، ولم يمرر بنا الاكرهفاف؛ قال النابغة:
(١) الرجز لعمرو ذى الكلب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ٥٧٥، ولسان العرب (لجب)، (مرخ)، (حشك)، (رخم)، (عمم)، وتاج العروس (لجب)، (مرخ)، (جول)، (رخم)، (عمم)، وللهذلى فى لسان العرب (أوس)، وتاج العروس (أوس)، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٢٣٨، ومقاييس اللغة ١/ ١٥٧، والمخصص ٨/ ٦٦، وكتاب العين ٧/ ٣٣٠.
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (أوس)، (خضل)، ورصف المبانى ص ٤٠٠، وشرح المفصل ١/ ٤٤.
(٣) من: هنا للتعويض. أى أعطيك عوضها.