باب فى الأصلين
  أو فازجروا مكفهرّا لا كفاء له ... كالليل يخلط أصراما بأصرام(١)
  وقد حكى بعضهم مكرهفّ. فإن ساواه فى الاستعمال فهما - على ما نرى - أصلان.
  ومن ذلك: هذا لحم شخم، وخشم، وفيه تشخيم، ولم أسمع تخشيم. فهذا يدلّ على أن (شخم أصل الخشم).
  ومن ذلك قولهم: اطمأنّ. ذهب سيبويه فيه إلى أنه مقلوب، وأنّ أصله من طأمن، وخالفه أبو عمر فرأى ضدّ ذلك. وحجة سيبويه فيه أنّ (طأمن) غير ذى زيادة، واطمأنّ ذو زيادة، والزيادة إذا لحقت الكلمة لحقها ضرب من الوهن لذلك، وذلك لأنّ مخالطتها شيء ليس من أصلها مزاحمة لها وتسوية فى التزامه بينها وبينه، وهو [و] إن لم تبلغ الزيادة على الأصول فحش الحذف منها، فإنه - على كل حال - على صدد من التوهين لها؛ إذ كان زيادة عليها تحتاج إلى تحملها، كما يتحامل بحذف محذف منها. وإذا كان فى الزيادة طرف من الإعلال للأصل كان أن يكون القلب مع الزيادة أولى. وذلك أن الكلمة إذا لحقها ضرب من الضعف أسرع إليها ضعف آخر؛ وذلك كحذفهم ياء حنيفة فى الإضافة إليها لحذف تائها فى قولهم حنفىّ، ولمّا لم يكن فى (حنيف) تاء تحذف فيحذف ياؤها جاء فى الإضافة إليه على أصله، فقالوا: حنيفىّ.
  فإن قال أبو عمر: جرى المصدر على اطمأنّ يدلّ على أنه هو الأصل، وذلك قولهم: الاطمئنان، قيل: قولهم (الطأمنة) بإزاء قولك: الاطمئنان، فمصدر بمصدر، وبقى على أبى عمر أنّ الزيادة جرت فى المصدر جريها فى الفعل. والعلّة فى الموضعين واحدة. وكذلك الطّمأنينة ذات زيادة، فهى إلى الاعتلال أقرب. ولم يقنع أبا عمر أن يقول: إنما أصلان متقاودان كجبذ وجذب، حتى مكّن خلافه لصاحب الكتاب بأن عكس الأمر عليه البتة.
  وذهب سيبويه فى قولهم (أينق) مذهبين: أحدهما أن تكون عين أنوق قلبت
(١) البيت من البسيط وهو للنابغة فى ديوانه ص ٨٣، ولسان العرب (صرم)، وتاج العروس (صرم). المكفهرّ: الجيش.