الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين

صفحة 460 - الجزء 1

  فلمّا كانا كذلك - وإنما بينهما اختلاف حرف اللين لا غير، ومعلوم مع ذلك قرب الياء من الألف، وأنها أقرب إلى الياء منها إلى الواو - كسّر أحدهما على ما كسّر عليه صاحبه، فقيل: درع دلاص، وأدرع دلاص، كما قيل: ظريف وظراف، وشريف وشراف.

  ومثل ذلك قولهم فى تكسير عذافر، وجوالق: عذافر، وجوالق، وفى تكسير قناقن: قناقن، وهداهد: هداهد؛ قال الراعى:

  كهداهد كسر الرّماة جناحه ... يدعو بقارعة الطريق هديلا⁣(⁣١)

  فألف عذافر زيادة لحقت الواحد للبناء لا غير، وألف عذافر ألف التكسير، كألف دراهم، ومنابر. فألف عذافر تحذف كما تحذف نون جحنفل فى جحافل، وواو فدوكس، فى فداكس، وكذلك بقيّة الباب.

  وأغمض من ذلك أن تسمى رجلا بعبالّ وحمارّ، جمع عبالة، وحمارّة، على حدّ قولك: شجرة وشجر، ودجاجة ودجاج، فتصرف، فإن كسّرت عبالا، وحمارّا هاتين، قلت: حمارّ، وعبالّ؛ فلم تصرف؛ لأن هذه الألف الآن ألف التكسير، بمنزلة ألف مخادّ، ومشادّ، جمع مخدّة ومشدّ. أفلا نرى إلى هاتين الألفين كيف اتّفق لفظاهما واختلف معناهما، ولذلك لم تصرف الثانى لما ذكرنا، وصرفت الأوّل؛ لأنه ليست ألفه للتكسير، إنما هى كألف دجاجة، وسمامة، وحمامة.

  ومن ذلك أن توقع فى قافية اسما لا ينصرف منصوبا فى لغة من نوّن القافية فى الإنشاد؛ نحو قوله:

  * أقلّى اللوم عاذل والعتابن⁣(⁣٢) *


(١) البيت من الكامل، وهو للراعى النميرى فى ديوانه ص ٢٣٨، ولسان العرب (هدد)، (هدل)، والتنبيه والإيضاح ٢/ ٦٢، وجمهرة اللغة ص ١٩٤، وتهذيب اللغة ٥/ ٣٥٣، ٣٥٤، وكتاب العين ٣/ ٣٤٧، ومجمل اللغة ٤/ ٤٤٧، وتاج العروس (هدد)، (هدل)، والمخصص ٨/ ١٣٤، والحيوان ٣/ ٢٤٣، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٦٨٣.

(٢) صدر بيت من الوافر، وهو لجرير فى ديوانه ص ٨١٣، وبلا نسبة فى لسان العرب (روى).