الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى ترافع الأحكام

صفحة 473 - الجزء 1

  كأن متنيه من النفىّ ... مواقع الطير على الصفىّ⁣(⁣١)

  إنما هو تكسير صفا الذى هو جمع صفاة؛ إذ كانت فعلة لا تكسّر على فعول، إنما ذلك فعلة؛ كبدرة وبدور، ومأنة ومئون⁣(⁣٢). أو فعل؛ كطلل وطلول، وأسد وأسود. وقد ترى بهذا أيضا مشابهة فعلة لفعل فى تكسيرهما جميعا على فعول.

  ومن ذلك قولهم فى الزكام: آرضه الله، وأملأه، وأضأده. وقالوا: هى الضؤدة، والملأة، والأرض. والصنعة فى ذلك أن (فعلا) قد عاقبت (فعلا) على الموضع الواحد؛ نحو العجم والعجم، والعرب والعرب، والشغل والشغل، والبخل والبخل. وقد عاقبتها أيضا فى التكسير على أفعال؛ نحو برد وأبراد، وجند وأجناد؛ فهذا كقلم وأقلام، وقدم وأقدام. فلمّا كان (فعل) من حيث ذكرنا كفعل صارت الملأة والضؤدة كأنها فعلة، وفعلة قد كسّرت على أفعل؛ على ما قدّمنا فى أكمة وآكم، وأمة وآم. [فكما رفعت التاء فى (فعلة) حكم الحركة فى العين، ورفعت حركة العين حكم التاء، فصار الأمر لذلك إلى حكم (فعل) حتى قالوا: أكمة وآكم، ككلب وأكلب، وكعب وأكعب، فكذلك جرت (فعلة) مجرى (فعل) حتى عاقبته فى الضؤدة والملأة والأرض، فصارت الأرض كأنه أرضة، أو صار الملأة والضؤدة كأنهما ملء وضأد. أفلا ترى إلى الضمّة كيف رفعت حكم التاء، كما رفعت التاء حكم الضمّة، وصار الأمر إلى (فعل)].

  * * *


(١) الرجز للأخيل الطائى فى لسان العرب (صفا)، (نفى)، وتاج العروس (هيص)، (وقع)، (نفا)، ولرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٨، وتاج العروس (صفا)، وله أو للعجاج فى لسان العرب (هيص)، وليس فى ديوان العجاج، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٩٤٥، ٩٧٢، وسر صناعة الإعراب ١/ ٢٥٠، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥١٤، وشرح المفصل ٥/ ٢٢، ولسان العرب (هيض)، (وقع)، وتاج العروس (هيض)، وكتاب العين ٤/ ٧٠، والمخصص ٤/ ٤١، ١٠/ ٩٠، وكتاب الجيم ٣/ ٢٩٥، وتهذيب اللغة ٣/ ٣٧، ٦/ ٣٦٥، ١٥/ ٤٧٥. النفىّ: ما تطاير من الرشاش على ظهر المائح شبه الماء وقد وقع على متن الساقى بذرق الطائر.

(٢) هى من اللحم السرة وما حولها وقيل: هى شحمة قص الصدر.