الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تلاقى المعانى، على اختلاف الأصول والمبانى

صفحة 478 - الجزء 1

  أى مالت إليه وانجذبت نحوه؛ ألا ترى إلى قول العجّاج:

  * والشمس قد كادت تكون دنفا⁣(⁣١) *

  يصف ضعفها وإكبابها. وقد جاء به بعض المولّدين فقال:

  * وقد وضعت خدّا إلى الأرض أضرعا⁣(⁣٢) *

  ومنه قيل: فلان طفيلىّ؛ وذلك أنه يميل إلى الطعام. وعلى هذا قالوا له: غلام؛ لأنه من الغلمة وهى اللين وضعفة العصمة. وكذلك قالوا: جارية. فهى فاعلة من جرى الماء وغيره؛ ألا ترى أنهم يقولون: إنها غضّة [بضّة] رطبة، ولذلك قالوا: قد علاها ماء الشباب؛ قال عمر:

  وهى مكنونة تحيّر منها ... فى أديم الخدّين ماء الشباب

  وذلك أن الطفل والصّبىّ والغلام والجارية ليست لهم عصمة الشيوخ ولا جسأة الكهول. وسألت بعض بنى عقيل عن قول الحمصىّ:

  لم تبل جدّة سمرهم سمر ولم ... تسم السّموم لأدمهنّ أديما

  فقال: هن بمائهنّ كما خلقنه. فإذا اشتدّ الغلام شيئا قيل حرور. وهو (فعوّل) من اللبن الحازر إذا اشتدّ للحموضة؛ قال العجلىّ:

  * وارضوا بإحلابة وطب قد حزر⁣(⁣٣) *


(١) الرجز للعجاج فى ديوانه ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩، ولسان العرب (دنف)، (زحلف)، (سدف)، وتهذيب اللغة ٥/ ٣٢٥، ١٢/ ٣٦٧، ١٤/ ١٣٧، وتاج العروس (دنف)، (زحلف)، (سدف)، وجمهرة اللغة ص ٦٧٩، ومقاييس اللغة ٢/ ٣٠٤، ومجمل اللغة ٢/ ٢٩٣، وأساس البلاغة (دنف)، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٢٧٤، وكتاب العين ٦/ ٢٨٨، ٨/ ٤٨، والمخصص ٩/ ٢٥، ١٧/ ٣١، ولسان العرب (خشف).

أى حين اصفرت. أراد عند غروبها تظهر كأنها مريضة. انظر اللسان.

(٢) صدره:

* ولاحظت النوار وهن مريضة*

وقبله فى وصف الشمس:

وقد رنّقت شمس الأصيل ونفضت ... على الأفق الغربى ورسا مزعزعا

وودعت الدنيا لتقضى نحبها ... وشوّل باقى عمرها فتشعشعا (نجار).

(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (حزر)، وجمهرة اللغة ص ٤٨٣، وتاج العروس (حزر).