الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تلاقى المعانى، على اختلاف الأصول والمبانى

صفحة 489 - الجزء 1

  الدم لم يستدل عليها، ولا عرف موضعها؛ قال ÷: «كل ما أصميت ودع ما أنميت»⁣(⁣١).

  وهذا مذهب فى هذه اللغة طريف، غريب لطيف. وهو فقهها، وجامع معانيها، وضامّ نشرها. وقد هممت غير دفعة أن أنشئ فى ذلك كتابا أتقصّى فيه أكثرها، والوقت يضيق دونه. ولعله لو خرج لما أقنعه ألف ورقة إلا على اختصار وإيماء. وكان أبو على | يستحسن هذا الموضع جدّا، وينبّه عليه، ويسرّ بما يحضره خاطره منه. وهذا باب إنما يجمع بين بعضه وبعض من طريق المعانى مجرّدة من الألفاظ، وليس كالاشتقاق الذى هو من لفظ واحد، فكأن بعضه منبهة على بعض. وهذا إنما يعتنق فيه الفكر المعانى غير منبهتة عليها الألفاظ. فهو أشرف الصنعتين، وأعلى المأخذين. فتفطّن له، وتأنّ لجمعه؛ فإنه يؤنقك ويفئ عليك، ويبسط ما تجعّد من خاطرك، ويريك من حكم البارى - عزّ اسمه ما تقف تحته، وتسلّم لعظم الصنعة فيه، وما أودعته أحضانه ونواحيه.

  * * *


(١) أورده الهيثمى فى «المجمع» (٤/ ١٦٢)، وقال: «رواه الطبرانى فى الأوسط، وفيه عبادة بن زياد - بفتح العين - وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه موسى بن هارون وغيره».