باب فى تصاقب الألفاظ لتصاقب المعانى
  ومنه القرمة وهى الفقرة تحزّ على أنف البعير. وقريب منه قلّمت أظفارى؛ لأن هذا انتقاص للظفر، وذلك انتقاص للجلد. فالراء أخت اللام؛ والعملان متقاربان. وعليه قالوا فيه: الجرفة، وهى من (ج ر ف) وهى أخت جلفت القلم، إذا أخذت جلفته، وهذا من (ج ل ف)؛ وقريب منه الجنف وهو الميل، وإذا جلفت الشئ أو جرفته فقد أملته عمّا كان عليه، وهذا من (ج ن ف).
  ومثله تركيب (ع ل م) فى العلامة والعلم. وقالوا مع ذلك: بيضة عرماء، وقطيع أعرم، إذا كان فيهما سواد وبياض، وإذا وقع ذلك بان أحد اللونين من صاحبه، فكان كل واحد منهما علما لصاحبه. وهو من (ع ر م) قال أبو وجزة السعدىّ:
  ما زلن ينسبن وهنا كلّ صادقة ... باتت تباشر عرما غير أزواج
  حتى سلكن الشوى منهن فى مسك ... من نسل جوّابة الآفاق مهداج(١)
  ومن ذلك تركيب (ح م س) و (ح ب س) قالوا: حبست الشئ وحمس الشرّ إذا اشتدّ. والتقاؤهما أن الشيئين إذا حبس أحدهما صاحبه تمانعا وتعازّا، فكان ذلك كالمشرّ يقع بينهما.
  ومنه العلب: الأثر، والعلم: الشقّ فى الشفة العليا. فذاك من (ع ل ب) وهذا من (ع ل م) والباء أخت الميم؛ قال طرفة:
  كأنّ علوب النسع فى دأياتها ... موارد من خلقاء فى ظهر قردد(٢)
(١) البيتان من البسيط، وهما لأبى وجزة السعدى فى لسان العرب (هدج)، (لقح)، (مسك)، والتنبيه والإيضاح ١/ ٢٢٥، ٤/ ٥٦، ٦/ ٤٠، وتاج العروس (هدج)، (لقح)، وبلا نسبة فى المخصص ٤/ ٤٦. الشوى من الدابة اليدان والرجلان. والمسك ما يكون فى رجل الدابة كالخلخال. وجوابة الآفاق المهداج: الريح الحنون. أراد أن الأتن أدخلن قوائمهن فى الماء فصار الماء لأرجلهن وأيديهن كالمسك، ووصف أن هذا الماء ماء مطر ساقته الريح انظر اللسان (هدج) و (مسك).
(٢) البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٢٦، ولسان العرب (علب)، (ورد)، - (دأى)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢٣٣، وتاج العروس (علب)، (ورد)، (دأى)، وبلا نسبة فى المخصص ١٢/ ٤١. النسع: سير تشد به الرحال. والدأيات: أضلاع الكتف. والخلقاء: الصخرة الملساء. والقردد: ما ارتفع من الأرض.