الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تصاقب الألفاظ لتصاقب المعانى

صفحة 500 - الجزء 1

  ومنه القرمة وهى الفقرة تحزّ على أنف البعير. وقريب منه قلّمت أظفارى؛ لأن هذا انتقاص للظفر، وذلك انتقاص للجلد. فالراء أخت اللام؛ والعملان متقاربان. وعليه قالوا فيه: الجرفة، وهى من (ج ر ف) وهى أخت جلفت القلم، إذا أخذت جلفته، وهذا من (ج ل ف)؛ وقريب منه الجنف وهو الميل، وإذا جلفت الشئ أو جرفته فقد أملته عمّا كان عليه، وهذا من (ج ن ف).

  ومثله تركيب (ع ل م) فى العلامة والعلم. وقالوا مع ذلك: بيضة عرماء، وقطيع أعرم، إذا كان فيهما سواد وبياض، وإذا وقع ذلك بان أحد اللونين من صاحبه، فكان كل واحد منهما علما لصاحبه. وهو من (ع ر م) قال أبو وجزة السعدىّ:

  ما زلن ينسبن وهنا كلّ صادقة ... باتت تباشر عرما غير أزواج

  حتى سلكن الشوى منهن فى مسك ... من نسل جوّابة الآفاق مهداج⁣(⁣١)

  ومن ذلك تركيب (ح م س) و (ح ب س) قالوا: حبست الشئ وحمس الشرّ إذا اشتدّ. والتقاؤهما أن الشيئين إذا حبس أحدهما صاحبه تمانعا وتعازّا، فكان ذلك كالمشرّ يقع بينهما.

  ومنه العلب: الأثر، والعلم: الشقّ فى الشفة العليا. فذاك من (ع ل ب) وهذا من (ع ل م) والباء أخت الميم؛ قال طرفة:

  كأنّ علوب النسع فى دأياتها ... موارد من خلقاء فى ظهر قردد⁣(⁣٢)


(١) البيتان من البسيط، وهما لأبى وجزة السعدى فى لسان العرب (هدج)، (لقح)، (مسك)، والتنبيه والإيضاح ١/ ٢٢٥، ٤/ ٥٦، ٦/ ٤٠، وتاج العروس (هدج)، (لقح)، وبلا نسبة فى المخصص ٤/ ٤٦. الشوى من الدابة اليدان والرجلان. والمسك ما يكون فى رجل الدابة كالخلخال. وجوابة الآفاق المهداج: الريح الحنون. أراد أن الأتن أدخلن قوائمهن فى الماء فصار الماء لأرجلهن وأيديهن كالمسك، ووصف أن هذا الماء ماء مطر ساقته الريح انظر اللسان (هدج) و (مسك).

(٢) البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٢٦، ولسان العرب (علب)، (ورد)، - (دأى)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢٣٣، وتاج العروس (علب)، (ورد)، (دأى)، وبلا نسبة فى المخصص ١٢/ ٤١. النسع: سير تشد به الرحال. والدأيات: أضلاع الكتف. والخلقاء: الصخرة الملساء. والقردد: ما ارتفع من الأرض.