باب فى تصاقب الألفاظ لتصاقب المعانى
  ومنه تركيب (ق ر د) و (ق ر ت) قالوا للأرض: قردد، وتلك نباك تكون فى الأرض، فهو من قرد الشئ وتقرّد إذا تجمّع؛ أنشدنا أبو علىّ:
  أهوى لها مشقص حشر فشبرقها ... وكنت أدعو قذاها الإثمد القردا(١)
  [أى أسمّى الإثمد القرد أذى لها. يعنى عينه] وقالوا: قرت الدم عليه أى جمد، والتاء أخت الدال كما ترى. فأمّا لم خصّ هذا المعنى بذا الحرف فسنذكره فى باب يلى هذا بعون الله تعالى.
  ومن ذلك العلز: خفّة وطيش وقلق يعرض للإنسان، وقالوا (العلّوص) لوجع فى الجوف يلتوى له الإنسان ويقلق منه. فذاك من (ع ل ز) وهذا من (ع ل ص) والزاى أخت الصاد.
  ومنه الغرب: الدلو العظيمة، (وذلك لأنها يغرف من الماء بها)، فذاك من (غ ر ب) وهذا من (غ ر ف) أنشد أبو زيد:
  كأن عينىّ وقد بانونى ... غربان فى جدول منجنون(٢)
  واستعملوا تركيب (ج ب ل) و (ج ب ن) و (ج ب ر) لتقاربها فى موضع واحد، وهو الالتئام والتماسك. منه الجبل لشدّته وقوّته، وجبن إذا استمسك وتوقّف وتجمع، ومنه جبرت العظم ونحوه أى قوّيته.
  وقد تقع المضارعة فى الأصل الواحد بالحرفين؛ نحو قولهم: السحيل، والصهيل، قال:
(١) البيت من البسيط، وهو لابن أحمر الباهلى فى ديوانه ص ٤٩، ولسان العرب (دعا)، (هوا)، وجمهرة اللغة ص ١٢٦٤، والمخصص ٩/ ٩٨، وتهذيب اللغة ٣/ ١٢٤، والمذكر والمؤنث للأنبارى ص ٢٥٨.
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (منجنون)، (نحا)، وتاج العروس (منجنون)، (نحا).