الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى إمساس الألفاظ أشباه المعانى

صفحة 514 - الجزء 1

  (وقوله) (تداعين باسم الشيب) لصوت مشافرها، وقوله:

  بينما نحن مرتعون بفلج ... قالت الدّلّح الرواء إنيه⁣(⁣١)

  فهذا حكاية لرزمة السحاب وحنين الرعد، وقوله:

  * كالبحر يدعو هيقما وهيقما⁣(⁣٢) *

  وذلك لصوته. ونحو منه قولهم: حاحيت، وعاعيت، وهاهيت؛ إذا قلت: حاء، وعاء، وهاء. وقولهم: بسملت، وهيللت، وحولقت؛ كل ذلك (وأشباهه) إنما يرجع فى اشتقاقه إلى الأصوات. والأمر أوسع.

  [ومن طريف ما مرّ بى فى هذه اللغة التى لا يكاد يعلم بعدها، ولا يحاط بقصيها، ازدحام الدال، والتاء، والطاء، والراء، واللام، والنون، إذا مازجتهن الفاء على التقديم والتأخير، فأكثر أحوالها ومجموع معانيها أنها للوهن والضعف ونحوهما].

  من ذلك (الدالف) للشيخ الضعيف، والشئ التالف، والطليف، (والظليف)⁣(⁣٣) المجّان وليست له عصمة الثمين، والطنف، لما أشرف خارجا عن البناء وهو إلى الضعف، لأنه ليست له قوّة الراكب الأساس والأصل، والنطف: العيب، (وهو إلى الضعف)، والدنف: المريض. ومنه (التنوفة) وذلك لأن الفلاة إلى الهلاك؛ ألا تراهم يقولون لها: مهلكة، وكذلك قالوا لها: بيداء، فهى فعلاء من باد يبيد.

  ومنه الترفة، لأنها إلى اللين والضعف، وعليه قالوا: الطرف؛ لأن طرف الشئ أضعف من قلبه وأوسطه، قال الله سبحانه {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها}⁣[الرعد: ٤١]. وقال الطائىّ الكبير:


(١) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (قول)، وكتاب العين ٣/ ١٣٧، ومقاييس اللغة ٢/ ٢٩٥، ومجمل اللغة ٢/ ٢٨٦، وأساس البلاغة (دلج)، وتاج العروس (قول)، (أنه). الهيقم: حكاية صوت اضطراب البحر.

(٢) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٤، ولسان العرب (هقم)، وتاج العروس (هقم)، وتهذيب اللغة ٦/ ٣، ٧/ ٤١، وجمهرة اللغة ص ٩٧٨، ١١٧٠، وكتاب العين ٣/ ٣٧٢، ومجمل اللغة ٤/ ٤٧٣، ومقاييس اللغة ٦/ ٥٨، وتاج العروس (خيقم).

(٣) الظليف لغة فى الطليف. ويقال: ذهب به مجانا وظليفا وطليفا إذا أخذه بغير ثمن.