باب فى إمساس الألفاظ أشباه المعانى
  كانت هى الوسط الممنوع فاستلبت ... ما حولها الخيل حتى أصبحت طرفا
  ومنه (الفرد) لأن المنفرد إلى الضعف والهلاك ما هو؛ قال رسول الله ÷: «المرء كثير بأخيه»(١). والفارط المتقدّم، وإذا تقدّم انفرد، وإذا انفرد (أعرض للهلاك) ولذلك ما يوصف بالتقدّم ويمدح به لهول مقامه وتعرّض راكبه.
  وقال محمد بن حبيب فى الفرتنى الفاجرة: إنها من الفرات، وحكم بزيادة النون والألف. فهى على هذا كقولهم لها (هلوك). قال الهذلىّ:
  السالك الثغرة اليقظان كالئها ... مشى الهلوك عليها الخيعل الفضل(٢)
  وقياس مذهب سيبويه أن تكون (فرتنى) فعللى رباعية كجحجبى. ومنه الفرات لأنه الماء العذب، وإذا عذب الشئ ميل عليه ونيل منه؛ ألا ترى إلى قوله:
  ممقر مرّ على أعدائه ... وعلى الأدنين حلو كالعسل(٣)
  وقال الآخر:
  تراهم يغمزون من استركّوا ... ويجتنبون من صدق المصاعا(٤)
  ومنه الفتور للضعف، والرفت للكسر، والرديف، لأنه ليس له تمكّن الأوّل.
(١) «ضعيف» أخرجه ابن أبى الدنيا فى «الإخوان» من حديث سهل بن سعد، وانظر الضعيفة (١٨٩٥).
(٢) البيت من البسيط، وهو للمتنخل الهذلى فى تذكرة النحاة ص ٣٤٦، وخزانة الأدب ٥/ ١١، وشرح أشعار الهذليين ٣/ ١٢٨١، والشعر والشعراء ٢/ ٦٦٥، ولسان العرب (خعل)، (فضل)، والمعانى الكبير ص ٥٤٣، والمقاصد النحوية ٣/ ٥١٦، وللهذلى فى سر صناعة الإعراب ٢/ ٦١١، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٥/ ١٠١، والدرر ٣/ ٦٠، ٦/ ١٨٩، وشرح الأشمونى ٢/ ٣٣٧، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٠١، وهمع الهوامع ١/ ١٨٧، ٢/ ١٤١. الثغرة موضع المخافة، وكالئها: حافظها. والخيعل: ثوب يخاط أحد شقيه ويترك الآخر.
(٣) البيت من الرمل، وهو للبيد فى ديوانه ص ١٩٧، ولسان العرب (مقر)، وتهذيب اللغة ٩/ ١٤٩، وديوان الأدب ٢/ ٣٠٠، وأساس البلاغة (مقر)، وتاج العروس (مقر).
(٤) البيت من الوافر، وهو للقطامى فى ديوانه ص ٣٥، ولسان العرب (مصع)، (ركك)، وتهذيب اللغة ٢/ ٦٣، ٩/ ٤٤٥، وأساس البلاغة (ركك)، (مصع)، وتاج العروس (مصع)، (ركك).