الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى خلع الأدلة

صفحة 529 - الجزء 1

  فالكلام فى (ويحما) هو الكلام فى (أثور ما).

  فأمّا قول الآخر:

  وهل لى أمّ غيرها إن هجوتها ... أبى الله إلا أن أكون لها ابنما⁣(⁣١)

  فليس من هذا الضرب فى شيء؛ وإنما هى ميم زيدت آخر ابن، وجرت قبلها حركة الإتباع، فصارت هذا ابنم، ورأيت ابنما، ومررت بابنم. فجريان حركات الإعراب على الميم يدلّ على أنها ليست (ما). وإنما الميم فى آخره كالميم فى آخر ضرزم⁣(⁣٢)، ودقعم، ودردم.

  وأخبرنا أبو علىّ أن أبا عثمان ذهب فى قول الله - تعالى -: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}⁣[الذاريات: ٢٣] إلى أنه جعل (مثل) و (ما) اسما واحدا، فبنى الأوّل على الفتح، وهما جميعا عنده فى موضع رفع، لكونهما صفة لـ (حقّ).

  فإن قلت: فما موضع (أنّكم تنطقون)؟ قيل: هو جرّ بإضافة (مثل ما) إليه.

  فإن قلت: ألا تعلم أن (ما) على بنائها؛ لأنها على حرفين، الثانى منهما حرف لين، فكيف تجوز إضافة المبنىّ؟ قيل ليس المضاف (ما) وحدها؛ إنما المضاف الاسم المضموم إليه (ما) فلم تعد (ما) هذه أن تكون كتاء التأنيث فى نحو هذه جارية زيد، أو كالألف والنون فى سرجان عمرو، أو كياءي الإضافة فى بصرىّ القوم، أو كألفي التأنيث فى صحراء زمّ، أو كالألف والتاء فى:

  * فى غائلات الحائر المتوّه⁣(⁣٣) *


= (ثور)، (هيا)، (أين)، (منن)، (أيا)، وتاج العروس (ويح)، وبلا نسبة فى كتاب العين ٣/ ٣١٩، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ٢٣٩. ويروى البيت الأول منهما: لم يدر بدلا من لم يلق.

(١) البيت من الطويل، وهو للمتلمس فى ديوانه ص ٣٠، والأصمعيات ص ٣٤٥، وخزانة الأدب ١٠/ ٥٨، ٥٩، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٦٨، والمقتضب ٢/ ٩٣، وسرّ صناعة الإعراب ١/ ١١٥، وشرح الأشمونى ٣/ ٨١٦، وشرح المفصل ٩/ ١٣٣، والمنصف ١/ ٥٨. ويروى: ذكرتها بدلا من هجوتها.

(٢) يقال ناقة ضرزم: مسنة.

(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (مثل).