باب فى خلع الأدلة
  فهذا وجه.
  وإن شئت قلت: و (ما) فى إضافة المبنىّ! ألا ترى إلى إضافة (كم) فى الخبر؛ نحو كم عبد ملكت، وهى مبنية، وإلى إضافة أىّ من قول الله سبحانه {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا}[مريم: ٦٩] وهى مبنيّة عند سيبويه.
  وأيضا فلو ذهب ذاهب واعتقد معتقد أن الإضافة كان يجب أن تكون داعية إلى البناء؛ من حيث كان المضاف من المضاف إليه بمنزلة صدر الكلمة من عجزها، وبعض الكلمة صوت، والأصوات إلى الضعف والبناء، لكان قولا!.
  ومما خلعت عنه دلالة الاستفهام قول الشاعر - أنشدناه سنة إحدى وأربعين -:
  أنّى جزوا عامرا سيئا بفعلهم ... أم كيف يجزوننى السوأى من الحسن
  أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ... رئمان أنف إذا ما ضنّ باللبن(١)
  فأم فى أصل الوضع للاستفهام؛ كما أنّ (كيف) كذلك. ومحال (اجتماع حرفين) لمعنى واحد؛ فلا بدّ أن يكون أحدهما قد خلعت عنه دلالة الاستفهام.
  وينبغى أن يكون ذلك الحرف (أم) دون (كيف)؛ حتى كأنه قال: بل كيف ينفع، فجعلها بمنزلة (بل) فى الترك (والتحوّل).
  ولا يجوز أن تكون (كيف) هى المخلوعة عنها دلالة الاستفهام؛ لأنها لو خلعت
(١) البيتان من البسيط، وهما لأفنون بن صريم التغلبى فى شرح اختيارات المفضل ص ١١٦٤، وتاج العروس (سوأ)، والبيان والتبيين ١/ ٩، والخزانة ١١/ ١٤٧، وبلا نسبة فى لسان العرب (سوأ)، وخزانة الأدب ١١/ ١٣٩، ١٤٢، والدرر ٦/ ١١١، وشرح شواهد المغنى ١/ ١٤٤، ١٤٥، ولسان العرب (علق)، (رأم)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ٤٢٧، ٦/ ٢١٢، ٧/ ٥٢، ٣٢٢، والاشتقاق ص ٢٥٩، ٥٣٥، وجمهرة اللغة ص ٣٢٢، وخزانة الأدب ١١/ ٢٨٨، ٢٩٣، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٤١٨، وشرح المفصل ٤/ ١٨، والمحتسب ١/ ٢٣٥، ومغنى اللبيب ١/ ٤٥، وهمع الهوامع ٢/ ١٣٣. العلوق من الإبل: التى لا ترأم ولدها، ولا تدرّ عليه. رئمان: عطف ومحبة.