الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى خلع الأدلة

صفحة 538 - الجزء 1

  وبيت أميّة:

  بالوارث الباعث الأموات قد ضمنت ... إيّاهم الأرض فى دهر الدهارير⁣(⁣١)

  وكذلك قد يستعمل المتّصل موضع المنفصل؛ نحو قوله:

  فما نبالى إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاورنا إلّاك ديّار⁣(⁣٢)

  فإن قلت: زعمت أن المتصل آثر فى نفوسهم من المنفصل، وقد ترى إلى كثرة استعمال المنفصل موضع المتصل، وقلّة استعمال المتصل موضع المنفصل، فهلّا دلّك ذلك على خلاف مذهبك؟

  قيل: لمّا كانوا متى قدروا على المتّصل لم يأتوا مكانه بالمنفصل، غلب حكم المتصل، فلمّا كان كذلك عوّضوا منه أن جاءوا فى بعض المواضع بالمنفصل فى موضع المتصل؛ كما قلبوا الياء إلى الواو فى نحو الشروى، والفتوى؛ لكثرة دخول الياء على الواو فى اللغة.

  ومن ذلك قولنا: «ألا قد كان كذا،» وقول الله سبحانه: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}⁣[هود: ٥]، فـ (ألا) هذه فيها هنا شيئان: التنبيه، وافتتاح الكلام، فإذا جاءت معها (يا) خلصت افتتاحا (لا غير)، وصار التنبيه الذى كان فيها لـ (يا)


(١) البيت من البسيط، وهو للفرزدق فى ديوانه ١/ ٢١٤، وخزانة الأدب ٥/ ٢٨٨، ٢٩٠، والدرر ١/ ١٩٥، وشرح التصريح ١/ ١٠٤، والمقاصد النحويّة ١/ ٢٧٤، ولأميّة أو للفرزدق فى تخليص الشواهد ص ٨٧، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ١٢٩، والإنصاف ٢/ ٦٩٨، وأوضح المسالك ١/ ٩٢، وتذكرة النحاة ص ٤٣، وشرح ابن عقيل ص ٥٦، ٦٠، وهمع الهوامع ١/ ٦٢. ويروى: بالباعث الوارث بدلا من: بالوارث الباعث.

(٢) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ١٢٩، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٨٥، وأوضح المسالك ١/ ٨٣، وتخليص الشواهد ص ١٠٠، وخزانة الأدب ٥/ ٢٧٨، ٢٧٩، ٣٢٥، والدرر ١/ ١٧٦، وشرح الأشمونى ١/ ٤٨، وشرح شواهد المغنى ص ٨٤٤، وشرح ابن عقيل ص ٥٢، وشرح المفصّل ٣/ ١٠١، ومغنى اللبيب ص ٢/ ٤٤١، والمقاصد النحويّة ١/ ٢٥٣، وهمع الهوامع ١/ ٥٧. ويروى:

وما علينا إذا ما كنت جارتنا ... أن لا يجاورنا إيّاك ديّار