مقدمة المؤلف
  
  الحمد لله الواحد العدل القديم. وصلى الله على صفوته محمد وآله المنتخبين.
  وعليه و $ أجمعين.
  هذا - أطال الله بقاء مولانا الملك السيد المنصور المؤيد، بهاء الدولة وضياء الملّة، وغياث الأمّة، وأدام ملكه ونصره، وسلطانه ومجده، وتأييده وسمّوه، وكبت شانئه وعدوّه - كتاب لم أزل على فارط الحال، وتقادم الوقت، ملاحظا له، عاكف الفكر عليه، منجذب الرأى والرويّة إليه، وادّا أن أجد موصلا(١) أصله به، أو خللا أرتقه بعمله، والوقت يزداد بنواديه(٢) ضيقا، ولا ينهج لى إلى الابتداء طريقا. هذا مع إعظامى له، وإعصامى بالأسباب المنتاطة به، واعتقادى فيه أنه من أشرف ما صنّف فى علم العرب، وأذهبه فى طريق القياس والنظر، وأعوده عليه بالحيطة والصون، وآخذه له من حصّة التوقير والأون(٣)، وأجمعه للأدلّة على ما أودعته هذه اللغة الشريفة: من خصائص الحكمة، ونيطت به من علائق الإتقان والصنعة، فكانت مسافر وجوهه، ومحاسر أذرعه وسوقه، تصف لى ما اشتملت عليه مشاعره، وتحى(٤) إلىّ بما خيطت عليه أقرابه وشواكله(٥)، وترينى
(١) فى نسخة: مهملا.
(٢) نوادى الإبل: شواردها، والمعنى: أن الوقت لا يتسع لشوارد هذا الكتاب ولا يسمح بجمعها وإيلافها.
(٣) التوقير مصدر، وقر الدابة: سكنها، ويراد به الإراحة؛ فالمراد حصة الراحة والتخفف من حركة العمل. والأون: الدعة والسكون.
(٤) مضارع وحى، وهو كأوحى. يقال: وحى إليه بكذا: أشار إليه به وأومأ. ومنه قول العجاج [من الرجز]:
الحمد لله الذى استقلّت ... بإذنه السماء واطمأنّت
بإذنه الأرض وما تعنّت ... وحى لها القرار فاستقرّت
ويروى: أوحى لها. انظر ديوان العجاج (٢١٨).
(٥) الأقراب: جمع قرب؛ كقفل، وهى من الفرس خاصرته، والشواكل واحدها شاكلة، وهى من الفرس الجلد بين عرض الخاصرة والثفنة، وهى الركبة.