الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تعليق الأعلام على المعانى دون الأعيان

صفحة 5 - الجزء 2

  معدولة عن الفجرة تفسير على طريق المعنى، لا على طريق اللفظ. وذلك أنه أراد أن يعرّف أنه معدول عن فجرة علما، ولم تستعمل تلك علما فيريك ذلك، فعدل عن لفظ العلمية المراد إلى لفظ التعريف فيها المعتاد. وكذلك لو عدلت عن برّة هذه لقلت: برار؛ كما قال: فجار. وشاهد ذلك أنهم عدلوا حذام وقطام عن حاذمة وقاطمة، وهما علمان؛ فكذلك يجب أن تكون فجار معدولة عن فجرة علما أيضا.

  ومن الأعلام المعلّقة على المعانى ما استعمله النحويون فى عباراتهم من المثل المقابل بها الممثّلات؛ نحو قولهم: (أفعل) إذا أردت به الوصف وله (فعلاء) لم تصرفه. فلا تصرف أنت (أفعل) هذه؛ من حيث صارت علما لهذا المثال؛ نحو أحمر، وأصفر، وأسود، وأبيض. فتجرى (أفعل) هذا مجرى أحمد، وأصرم علمين. وتقول: (فاعلة) لا تنصرف معرفة، وتنصرف نكرة. فلا تصرف (فاعلة)؛ لأنها علم لهذا الوزن، فجرت مجرى فاطمة وعاتكة. وتقول: (فعلان) إذا كانت له (فعلى) فإنه لا ينصرف معرفة ولا نكرة. فلا تصرف (فعلان) هذا؛ لأنه علم لهذا الوزن، بمنزلة حمدان، وقحطان. ونقول: وزن طلحة (فعلة)، ومثال عبيثران (فعيللان)، ومثال إسحارّ⁣(⁣١) (إفعالّ)، ووزن إستبرق (استفعل)، ووزن طريفة (فعيلة). وكذلك جميع ما جاء من هذا الطرز. وتقول: وزن إبراهيم (فعلاليل) فتصرف هذا المثال، لأنه لا مانع له من الصرف؛ ألا ترى أنه ليس فيه أكثر من التعريف، والسبب الواحد لا يمنع الصرف. ولا تصرف إبراهيم للتعريف والعجمة. وكذلك وزن جبرئيل (فعلئيل) فلا تصرف جبرئيل، وتصرف مثاله.

  والهمزة فيه زائدة؛ لقولهم: جبريل. وتقول: مثال جعفر (فعلل) فتصرفهما جميعا؛ لأنه ليس فى كل واحد منهما أكثر من التعريف.

  وقد يجوز إذا قيل لك ما مثال (أفكل) أن تقول: مثاله (أفعل) فتصرفه حكاية لصرف أفكل؛ كما جررته حكاية لجرّه؛ ألا تراك إذا قيل لك: ما مثال ضرب، قلت: فعل، فتحكى فى المثال بناء ضرب، فتبنيه كما بنيت مثال المبنىّ، كذلك حكيت إعراب أفكل وتنوينه فقلت فى جواب ما مثال أفكل: مثال أفعل، فجررت


(١) اسحارّ: هو بقل يسمن عليه المال، أى الإبل.