الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الشئ يرد مع نظيره مورده مع نقيضه

صفحة 8 - الجزء 2

  وسبب اجتماعهما هنا فى هذه الصفة أن التذكير إنما أتاها من قبل المصدرية؛ فإذا قيل: رجل عدل فكأنه وصف بجميع الجنس مبالغة؛ كما تقول: استولى على الفضل، وحاز جميع الرئاسة والنبل، ولم يترك لأحد نصيبا فى الكرم والجود، ونحو ذلك. فوصف بالجنس أجمع؛ تمكينا (لهذا الموضع)، وتوكيدا.

  وقد ظهر منهم ما يؤيّد هذا المعنى ويشهد به. وذلك نحو قوله - أنشدناه أبو علىّ -:

  ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل ... وضنّت علينا والضنين من البخل⁣(⁣١)

  فهذا كقولك: هو مجبول من الكرم، ومطين من الخير، وهى مخلوقة من البخل. وهذا أوفق معنى من أن تحمله على القلب، وأنه يريد به: والبخل من الضنين؛ لأن فيه من الإعظام والمبالغة ما ليس فى القلب.

  ومنه ما أنشدناه أيضا من قوله:

  *وهنّ من الإخلاف قبلك والمطل⁣(⁣٢) *

  و [قوله]:

  *وهنّ من الإخلاف والولعان⁣(⁣٣) *

  وأقوى التأويلين فى قولها:

  *فإنما هى إقبال وإدبار⁣(⁣٤) *


(١) البيت من الطويل، وهو للبعيث (خداش بن بشر) فى لسان العرب (جذم)، (ضنن)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ٣٨٥، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٧٢٢، والمحتسب ٢/ ٤٦، ومغنى اللبيب ١/ ٣١١.

(٢) الشطر من الطويل، وهو للبعيث فى لسان العرب (ولع).

(٣) عجز البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (ولع)، (ضنن)، وتهذيب اللغة ٣/ ١٩٩، وتاج العروس (ولع)، والمخصص ٣/ ٨٦، وديوان الأدب ٣/ ٢٥٩، وصدر البيت:

*لخلابة العينين كذّابة المنى*

(٤) عجز البيت من البسيط، وهو للخنساء فى ديوانها ص ٣٨٣، والأشباه والنظائر ١/ ١٩٨، =