الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى التطوع بما لا يلزم

صفحة 50 - الجزء 2

  فقاد القصيدة كلها، على أن آخر مصراع كل بيت منها منته إلى لام التعريف، غير بيت واحد؛ وهو قوله:

  *فانتجعنا الحارث الأعرج فى*

  فصار هذا البيت الذى نقض القصيدة أن تمضى على ترتيب واحد هو أفخر ما فيها. وذلك أنه دلّ على أن هذا الشاعر إنما تساند إلى ما فى طبعه، ولم يتجشّم إلا ما فى نهضته ووسعه، من غير اغتصاب له ولا استكراه أجاءه إليه؛ إذ لو كان ذلك على خلاف ما حدّدناه وأنه إنما صنع الشعر صنعا، وقابله بها ترتيبا ووضعا، لكان قمنا ألا ينقض ذلك كله بيت واحد يوهيه، ويقدح فيه. وهذا واضح.

  وأمّا قول الآخر:

  قد جعل النعاس يغرندينى ... أدفعه عنّى ويسرندينى⁣(⁣١)

  فلك فيه وجهان: إن شئت جعلت رويّه النون؛ وهو الوجه. وإن شئت الياء، وليس بالوجه.

  وإن أنت جعلت النون هى الروىّ فقد التزم الشاعر فيها أربعة أحرف غير واجبة، وهى الراء والنون والدال والياء. [ألا ترى أنه يجوز معها (يعطينى) و (يرضينى) و (يدعونى) و (يغزونى)]؛ ألا ترى أنك إذا جعلت الياء هى الروىّ فقد زالت الياء أن تكون ردفا؛ لبعدها عن الروىّ. نعم، وكذلك كمّا كانت النون رويا كانت الياء غير لازمة. وإن أنت جعلت الياء الروىّ فقد التزم فيه خمسة


= الأدب ٧/ ١٩٨، ٢٠٥ - ٢٠٨، وسر صناعة الإعراب ١/ ٣٣٢، وشرح المفصّل ٩/ ١٧، والمقاصد النحوية ١/ ٥١١، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ٧١، وشرح الأشمونى ١/ ٨٣، والمنصف ١/ ٦٦.

(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (سرد)، (غرند)، وجمهرة اللغة ص ١٢١٥، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٢٩٠، وشرح الأشمونى ١/ ١٩٦، وشرح التصريح ١/ ٣١١، وشرح شافية ابن الحاجب ١/ ١١٣، وشرح شواهد الشافية ص ٤٧، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٨٨٥، ومغنى اللبيب ٢/ ٥٢٠، وديوان الأدب ٢/ ٤٩٢، وتهذيب اللغة والمنصف ١/ ٨٦، ٣/ ١١، كتاب العين ٧/ ٣٤١، وتاج العروس (ثرنت)، (سرد)، (غرد)، ومقاييس اللغة ٤/ ٤٣٢، ومجمل اللغة ٤/ ٤٩. الاغرنداء والاسرنداء: العلو والغلبة.