الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى زيادة الحروف وحذفها

صفحة 67 - الجزء 2

  فإذا دخلت على (يا) خلصت (ألا) افتتاحا وخصّ التنبيه بيا. وذلك كقول نصيب:

  ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... فقد زادنى مسراك وجدا على وجد

  فقد صحّ بما ذكرناه إلى أن قادنا إلى هنا أن حذف الحروف لا يسوّغه القياس؛ لما فيه من الانتهاك والإجحاف.

  وأمّا زيادتها فخارج عن القياس أيضا.

  وذلك أنه إذا كانت إنما جيء بها اختصارا وإيجازا كانت زيادتها نقضا لهذا الأمر، وأخذا له بالعكس والقلب؛ ألا ترى أن الإيجاز ضدّ الإسهاب؛ وذلك لم يجز أبو الحسن توكيد الهاء المحذوفة من صلة الذى فى نحو (الذى ضربت زيد)، فأفسد أن تقول: الذى ضربت نفسه زيد. قال: لأن ذلك نقض؛ من حيث كان التوكيد إسهابا والحذف إيجازا. وذلك أمر ظاهر التدافع.

  هذا هو القياس: ألا يجوز حذف الحروف ولا زيادتها. ومع ذلك فقد حذفت تارة، وزيدت أخرى.

  أمّا حذفها فكنحو ما حكاه أبو عثمان عن أبى زيد من حذف حرف العطف فى نحو قولهم: أكلت لحما، سمكا، تمرا. وأنشد أبو الحسن:

  كيف أصبحت كيف أمسيت مما ... يزرع الودّ فى فؤاد الكريم⁣(⁣١)

  يريد: كيف أصبحت، وكيف أمسيت. وأنشد ابن الأعرابىّ:

  وكيف لا أبكى على علاتى ... صبائحى، غبائقى، قيلاتى⁣(⁣٢)

  أى صبائحى وغبائقى، وقيلاتى. وقد يجوز أن يكون بدلا؛ أى كيف لا أبكى


(١) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٨/ ١٣٤، والدرر ٦/ ١٥٥، وديوان المعانى ٢/ ٢٢٥، ورصف المبانى ص ٤١٤، وشرح الأشمونى ٢/ ٤٣١، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٤١، وهمع الهوامع ٢/ ١٤٠. ويروى: يغرس بدلا من يزرع.

(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (صبح)، (غبق)، (قيل)، وتهذيب اللغة ٤/ ٢٦٦، ٩/ ٣٠٥، ١٦/ ١٥١، وديوان الأدب ٣/ ٣١٢، وتاج العروس (غبق)، (قيل)، ويروى: ما لى لا أسقى على علاتى بدلا من: وكيف لا أبكى على علاتى.