الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى زيادة الحرف عوضا من آخر محذوف

صفحة 89 - الجزء 2

  فأمّا أقمت إقامة، وأردت إرادة (ونحو ذلك) فإن الهاء فيه على مذهب الخليل وسيبويه عوض من ألف إفعال الزائدة. وهى فى قول أبى الحسن عوض من عين إفعال، على مذهبهما فى باب مفعول من نحو مبيع ومقول. والخلاف فى ذلك قد عرف وأحيط بحال المذهبين فيه، فتركناه لذلك.

  ومن ذلك الألف فى يمان وتهام وشئام: هى عوض من إحدى ياءي الإضافة فى يمنى وتهامىّ وشأمىّ. وكذلك ألف ثمان. قلت لأبى على: لم زعمتها للنسب؟ فقال: لأنها ليست بجمع مكسّر فتكون كصحار. قلت له: نعم، ولو لم تكن للنسب للزمتها الهاء البتّة؛ نحو عباقية⁣(⁣١) وكراهية وسباهية⁣(⁣٢). فقال: نعم، هو كذلك.

  ومن ذلك أنّ ياء التفعيل بدل من ألف الفعّال؛ كما أن التاء فى أوله عوض من إحدى عينيه.

  ففى هذا كاف بإذن الله.

  وقد أوقع هذا التعاوض فى الحروف المنفصلة عن الكلم، غير المصوغة فيها الممزوجة بأنفس صيغها. وذلك قول الراجز - على مذهب الخليل -:

  إنّ الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يوما على من يتّكل⁣(⁣٣)

  أى من يتكل عليه. فحذف (عليه) هذه، وزاد (على) متقدّمة؛ ألا ترى أنه: يعتمل إن لم يجد من يتّكل عليه. وندع ذكر قول غيره هاهنا. وكذلك قول الآخر:


(١) عباقية: من معانيها شجر له شوك يؤذى من علق به.

(٢) يقال رجل سباهية: متكبر.

(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (عمل)، والأشباه والنظائر ١/ ٢٩٢، والجنى الدانى ص ٤٧٨، وخزانة الأدب ١٠/ ١٤٦، والدرر ٤/ ١٠٨، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٠٥، وشرح الأشمونى ٢/ ٢٩٤، وشرح التصريح ٢/ ١٥، وشرح شواهد المغنى ص ٤١٩، والكتاب ٣/ ٨١، والمحتسب ١/ ٢٨١، وهمع الهوامع ٢/ ٢٢، وكتاب العين ٢/ ١٥٣، ومقاييس اللغة ٤/ ١٤٥، وديوان الأدب ٢/ ٤١٦، وأساس البلاغة (عمل)، (وجد)، وتاج العروس (عمل)، (علا).

وبعده:

*فيكتسى من بعدها ويكتحل*