الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى مراعاتهم الأصول تارة، وإهمالهم إياها أخرى

صفحة 133 - الجزء 2

باب فى مراعاتهم الأصول تارة، وإهمالهم إياها أخرى

  فمن الأول قولهم: صغت الخاتم، وحكت الثوب ونحو ذلك. وذلك أن فعلت هنا عدّيت، فلو لا أن أصل هذا فعلت - بفتح العين - لما جاز أن تعمل فعلت. ومن ذلك بيت الكتاب:

  ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط ممّا تطيح الطوائح⁣(⁣١)

  ألا ترى أن أول البيت مبنىّ على اطّراح ذكر الفاعل، وأن آخره قد عوود فيه (الحديث عن الفاعل) لأن تقديره فيما بعد: ليبكه مختبط ممّا تطيح الطوائح.

  فدلّ قوله: ليبك، على ما أراده من قوله: ليبكه. ونحوه قول الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً}⁣[المعارج: ١٩]، {وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً}⁣[النساء: ٢٨] هذا مع قوله سبحانه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ}⁣[العلق: ١ - ٢]، وقوله ø: {خَلَقَ الْإِنْسانَ ٣ عَلَّمَهُ الْبَيانَ}⁣[الرحمن: ٣ - ٤] وأمثاله كثيرة.

  ونحو من البيت قول الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ٣٦ رِجالٌ}⁣(⁣٢) [النور: ٣٦ - ٣٧] أى يسبّح له فيها رجال.

  ومن الأصول المراعاة قولهم: مررت برجل ضارب زيد وعمرا، وليس زيد


(١) البيت من الطويل، وهو للحارث بن نهيك فى خزانة الأدب ١/ ٣٠٣، وشرح شواهد الإيضاح ص ٩٤، وشرح المفصل ١/ ٨٠، والكتاب ١/ ٢٨٨، وللبيد بن ربيعة فى ملحق ديوانه ص ٣٦٢، ولنهشل بن حرىّ فى خزانة الأدب ١/ ٣٠٣، ولضرار بن نهشل فى الدرر ٢/ ٢٨٦، ومعاهد التنصيص ١/ ٢٠٢، وللحارث بن ضرار فى شرح أبيات سيبويه ١/ ١١٠، ولنهشل أو للحارث، أو لضرار، أو لمزرد بن ضرار، أو للمهلهل فى المقاصد النحويّة ٢/ ٤٥٤، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ٣٤٥، ٧/ ٢٤، وأمالى ابن الحاجب. ص ٤٤٧، ٧٨٩، وأوضح المسالك ٢/ ٩٣، وتخليص الشواهد ص ٤٧٨، وخزانة الأدب ٨/ ١٣٩، وشرح الأشمونى ١/ ١٧١، وشرح المفصل ١/ ٨٠، والشعر والشعراء ص ١٠٥، ١٠٦، والكتاب ١/ ٣٦٦، ٣٩٨، ولسان العرب (طوح)، والمحتسب ١/ ٢٣٠، ومغنى اللبيب ص ٦٢٠، والمقتضب ٣/ ٢٨٢، وهمع الهوامع ١/ ١٦٠.

(٢) قراءة فتح الباء فى «يسبح» قراءة ابن عامر وأبى بكر.