الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

حذف الحرف

صفحة 159 - الجزء 2

  وممّا يصحّ ويجوز تقديمه خبر المبتدأ على المبتدأ؛ نحو قائم أخوك، وفى الدار صاحبك. وكذلك خبر كان وأخواتها على أسمائها، وعليها أنفسها. وكذلك خبر ليس؛ نحو زيدا ليس أخوك، ومنطلقين ليس أخواك. وامتناع أبى العباس من ذلك خلاف للفريقين: (البصريين والكوفيّين)، وترك لموجب القياس عند النظّار والمتكلّمين؛ وقد ذكرنا ذلك فى غير مكان.

  ويجوز تقديم المفعول له على الفعل الناصبة؛ نحو قولك: طمعا فى برّك زرتك، ورغبة فى صلتك قصدتك.

  ولا يجوز تقديم المفعول معه على الفعل؛ نحو قولك: والطيالسة جاء البرد؛ من حيث كانت صورة هذه الواو صورة العاطفة؛ ألا تراك لا تستعملها إلا فى الموضع الذى لو شئت لاستعملت العاطفة فيه؛ نحو جاء البرد والطيالسة. ولو شئت لرفعت الطيالسة عطفا على البرد. وكذلك لو تركت والأسد لأكلك، يجوز أن ترفع الأسد عطفا على التاء. ولهذا لم يجز أبو الحسن جئتك وطلوع الشمس أى مع طلوع الشمس؛ لأنك لو أردت أن تعطف بها هنا فتقول: أتيتك وطلوع الشمس لم يجز؛ لأن طلوع الشمس لا يصح إتيانه لك. فلمّا ساوقت حرف العطف قبح والطيالسة جاء البرد؛ كما قبح وزيد قام عمرو؛ لكنه يجوز⁣(⁣١) جاء والطيالسة البرد؛ كما تقول: ضربت وزيدا عمرا؛ قال:

  جمعت وفحشا غيبة ونميمة ... ثلاث خصال لست عنها بمرعو⁣(⁣٢)

  ومما يقبح تقديمه الاسم المميز، وإن كان الناصبة فعلا متصرّفا. فلا نجيز شحما تفقّأت، ولا عرقا تصبّبت. فأمّا ما أنشده أبو عثمان وتلاه فيه أبو العباس من قول المخبّل:


(١) هذا رأى ابن جنى. وجمهور النحاة يمنعون هذا أيضا. راجع الأشمونى فى بحث المفعول معه.

(٢) البيت من الطويل، وهو ليزيد بن الحكم فى خزانة الأدب ٣/ ١٣٠، ١٣٤، والدرر ٣/ ١٥٦، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٦٩٧، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٣٧، والمقاصد النحوية ٣/ ٨٦، ٢٦٢، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٩/ ١٤١، وشرح الأشمونى ١/ ٢٢٤، وشرح التصريح ١/ ٣٤٤، ٢/ ١٣٧، وهمع الهوامع ١/ ٢٢٠.