الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

فصل فى التقديم والتأخير

صفحة 162 - الجزء 2

  وذهب بعضهم فى قول الله تعالى: {فَاسْتَوى ٦ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى}⁣[النجم: ٦ - ٧] إلى أنّ (هو) معطوف على الضمير فى (استوى).

  ومما يضعف تقديم المعطوف على المعطوف عليه من جهة القياس أنك إذا قلت: قام وزيد عمرو فقد جمعت أمام زيد بين عاملين: أحدهما (قام)، والآخر الواو؛ ألا تراها قائمة مقام العامل قبلها، وإذا صرت إلى ذلك صرت كأنك قد أعملت فيه عاملين، وليس هذا (كإعمال) الأول أو الثانى فى نحو قام وقعد زيد؛ لأنك فى هذا مخيّر: إن شئت أعملت الأوّل، وإن شئت أعملت الآخر. وليس ذلك فى نحو قام زيد وعمرو؛ لأنك لا ترفع عمرا فى هذا إلا بالأوّل.

  فإن قلت: فقد تقول فى الفعلين جميعا بإعمال أحدهما ألبتّة؛ كقوله:

  *كفانى ولم أطلب قليل من المال⁣(⁣١) *

  قيل: لم يجب هذا فى هذا البيت لشيء يرجع إلى العمل اللفظىّ، وإنما هو شيء راجع إلى المعنى، وليس كذلك قام وزيد عمرو؛ لأن هذا كذا حاله ومعناه واحد، تقدّم أو تأخّر. فقد عرفت ما فى هذا الحديث.

  ولا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف، ولا شيء مما اتصل به.

  ولا يجوز تقديم الجواب على المجاب، شرطا كان أو قسما أو غيرهما؛ ألا تراك لا تقول: أقم إن تقم. فأمّا قولك أقوم إن قمت فإن قولك: أقوم ليس جوابا للشرط، ولكنه دالّ على الجواب، أى إن قمت قمت، ودلّت أقوم على قمت.

  ومثله أنت ظالم إن فعلت؛ أى إن فعلت ظلمت، فحذفت (ظلمت) ودلّ قولك:

  (أنت ظالم) عليه.


(١) عجز البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٣٩، والإنصاف ١/ ٨٤، وتذكرة النحاة ص ٣٣٩، وخزانة الأدب ١/ ٣٢٧، ٤٦٢، والدرر ٥/ ٣٢٢، وشرح شذور الذهب ص ٢٩٦، وشرح شواهد المغنى ١/ ٣٤٢، ٢/ ٦٤٢، وشرح قطر الندى ص ١٩٩، والكتاب ١/ ٧٩، والمقاصد النحوية ٣/ ٣٥، وهمع الهوامع ٢/ ١١٠، وتاج العروس (لو)، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١/ ٢٠١، ٣/ ٦٠٢، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٨٨٠، ومغنى اللبيب ١/ ٢٥٦، والمقتضب ٤/ ٧٦، والمقرب ١/ ١٦١. وصدره:

*فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة*