الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

فصل فى التقديم والتأخير

صفحة 161 - الجزء 2

  يتقدّم عندنا على رافعه؛ لأن رافعه ليس المبتدأ وحده، إنما الرافع له (المبتدأ والابتداء) جميعا، فلم يتقدّم الخبر عليهما معا، وإنما تقدّم على أحدهما وهو المبتدأ. فهذا (لا ينتقض). لكنه على قول أبى الحسن مرفوع بالمتبدإ وحده، ولو كان كذلك لم يجز تقديمه على المبتدأ.

  ولا يجوز تقديم الصلة ولا شيء منها على الموصول، ولا الصفة على الموصوف، ولا المبدل على المبدل منه، ولا عطف البيان على المعطوف عليه، ولا العطف الذى هو نسق على المعطوف عليه، إلا فى الواو وحدها، وعلى قلّته أيضا؛ نحو قام وعمرو زيد. وأسهل منه ضربت وعمرا زيدا؛ لأن الفعل فى هذا قد استقلّ بفاعله، وفى قولك: قام وعمرو زيد؛ اتسعت فى الكلام قبل الاستقلال والتمام. فأما قوله:

  ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام⁣(⁣١)

  فحملته الجماعة على هذا، حتى كأنه عندها: عليك السلام ورحمة الله. وهذا وجه؛ إلا أن عندى فيه وجها لا تقديم فيه ولا تأخير من قبل العطف. وهو أن يكون (رحمة الله) معطوفا على الضمير فى (عليك). وذلك أن (السلام) مرفوع بالابتداء، وخبره مقدّم عليه، وهو (عليك) ففيه إذا ضمير منه مرفوع بالظرف، فإذا عطفت (رحمة الله) عليه ذهب عنك مكروه التقديم. لكن فيه العطف على المضمر المرفوع المتّصل من غير توكيد له، وهذا أسهل عندى من تقديم المعطوف على المعطوف عليه. وقد جاء فى الشعر قوله:

  قلت إذ أقبلت وزهر تهادى ... كنعاج الملا تعسّفن رملا⁣(⁣٢)


(١) البيت من الوافر، وهو للأحوص فى ديوانه ص ١٩٠ (الهامش)، وخزانة الأدب ٢/ ١٩٢، ٣/ ١٣١، والدرر ٣/ ١٩، ١٥٥، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٧٧٧، ولسان العرب (شيع)، ومجالس ثعلب ص ٢٣٩، والمقاصد النحوية ١/ ٥٢٧، وبلا نسبة فى الخصائص ٢/ ٣٨٦، والدرر ٦/ ٧٩، ١٥٦، وشرح التصريح ١/ ٣٤٤، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٨٠٥، ومغنى اللبيب ٢/ ٣٥٦، ٦٥٩، وهمع الهوامع ١/ ١٧٣، ٢٢٠، ٢/ ١٣٠، ١٤٠.

(٢) البيت من الخفيف، وهو لعمر بن أبى ربيعة فى ملحق ديوانه ص ٤٩٨، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ١٠١، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٥٨، وشرح المفصل ٣/ ٧٦، واللمع ص ١٨٤، والمقاصد النحوية ٤/ ١٦١، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢/ ٧٩، وشرح الأشمونى ٢/ ٤٢٩، وشرح ابن عقيل ص ٥٠١، والكتاب ٢/ ٣٧٩.