الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

فصل فى التقديم والتأخير

صفحة 172 - الجزء 2

  (ليس) من حيث ذكرنا من الشبه اللفظىّ. وقال لى أبو علىّ | يوما: الظرف يتعلق بالوهم مثلا.

  فأمّا قول الآخر:

  نظرت وشخصى مطلع الشمس ظلّه ... إلى الغرب حتّى ظلّه الشمس قد عقل

  فقيل فيه: أراد نظرت مطلع الشمس وشخصى ظلّه إلى الغرب، حتى عقل الشمس ظلّه أى حاذاها؛ فعلى هذا التفسير قد فصل بمطلع الشمس بين المبتدأ وخبره، وقد يجوز ألا يكون فصل، لكن على أن يتعلّق مطلع الشمس بقوله: إلى الغرب، حتى كأنه قال: شخصى ظلّه إلى الغرب وقت طلوع الشمس، فيعلّق الظرف بحرف الجرّ الجارى خبرا عن الظلّ؛ كقولك: زيد من الكرام يوم الجمعة، فيعلّق الظرف بحرف الجرّ، ثم قدّم الظرف لجواز تقديم ما تعلّق به إلى موضعه؛ ألا تراك تجيز أن تقول: شخصى إلى الغرب ظله، وأنت تريد: شخصى ظلّه إلى الغرب. فعلى هذا تقول: زيد يوم الجمعة أخوه من الكرام، ثم تقدّم فتقول: زيد من الكرام يوم الجمعة أخوه. فاعرفه.

  وقال الآخر:

  أيا بن أناس هل يمينك مطلق ... نداها إذا عدّ الفعال شمالها

  أراد: هل يمينك شمالها مطلق نداها. ف (ها) من (نداها) عائد إلى الشمال لا اليمين، والجملة خبر عن يمينها.

  وقال الفرزدق:

  ملوك يبتنون توارثوها ... سرادقها المقاول والقبابا⁣(⁣١)

  أراد: ملوك يبتنون المقاول والقباب، توارثوها سرادقها. فقوله: «يبتنون المقاول


(١) البيت من الوافر، وهو للفرزدق فى ديوانه ١/ ٩٩. المقاول: جمع المقول، بكسر الميم وسكون القاف، وهو كالقيل: الملك على قومه يكون دون الملك الأعظم.