فصل فى الحمل على المعنى
  معها أحسن.
  وتذكير المؤنث واسع جدّا؛ لأنه ردّ فرع إلى أصل. لكن تأنيث المذكّر أذهب فى التناكر والإغراب. وسنذكره.
  وأمّا تأنيث المذكّر فكقراءة من قرأ «تلتقطه بعض السيارة» [يوسف: ١٠] وكقولهم: ما جاءت حاجتك، وكقولهم: ذهبت بعض أصابعه. أنّث ذلك لمّا كان بعض السيّارة سيّارة فى المعنى، وبعض الأصابع إصبعا، ولمّا كانت (ما) هى الحاجة فى المعنى. وأنشدوا:
  أتهجر بيتا بالحجاز تلفّت ... به الخوف والأعداء من كلّ جانب(١)
  ذهب بالخوف إلى المخافة. وقال لبيد:
  فمضى وقدّمها وكانت عادة ... منه إذا هى عرّدت إقدامها(٢)
  إن شئت قلت: أنّث الإقدام لمّا كان فى معنى التقدمة. وإن شئت قلت: ذهب إلى تأنيث العادة، كما ذهب إلى تأنيث الحاجة فى قوله: (ما جاءت حاجتك) وقال:
  يا أيها الراكب المزجى مطيته ... سائل بنى أسد ما هذه الصوت(٣)
  ذهب إلى تأنيث الاستغاثة. وحكى الأصمعىّ عن أبى عمرو أنه سمع رجلا من أهل اليمن يقول: فلان لغوب، جاءته كتابى فاحتقرها! فقلت له: أتقول: جاءته
(١) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ١/ ١٣، ولسان العرب (خوف). ويروى عجزه:
*به الخوف والأعداء أم أنت زائره*
(٢) البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة فى ديوانه ص ٣٠٦، والأشباه والنظائر ٥/ ٢٥٥، ولسان العرب (عرد)، (قدم)، وكتاب العين ٢/ ٣٢. التعريد: الانهزام وترك القصد.
(٣) البيت من البسيط، وهو لرويشد بن كثير الطائى فى الدرر ٦/ ٢٣٩، وسر صناعة الإعراب ص ١١، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٦٦، وشرح المفصل ٥/ ٩٥، ولسان العرب (صوت)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ١٠٣، ٥/ ٢٣٧، والإنصاف ص ٧٧٣، وتخليص الشواهد ص ١٤٨، وخزانة الأدب ٤/ ٢٢١، وهمع الهوامع ٢/ ١٥٧.