الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

فصل فى الحمل على المعنى

صفحة 184 - الجزء 2

  معها أحسن.

  وتذكير المؤنث واسع جدّا؛ لأنه ردّ فرع إلى أصل. لكن تأنيث المذكّر أذهب فى التناكر والإغراب. وسنذكره.

  وأمّا تأنيث المذكّر فكقراءة من قرأ «تلتقطه بعض السيارة» [يوسف: ١٠] وكقولهم: ما جاءت حاجتك، وكقولهم: ذهبت بعض أصابعه. أنّث ذلك لمّا كان بعض السيّارة سيّارة فى المعنى، وبعض الأصابع إصبعا، ولمّا كانت (ما) هى الحاجة فى المعنى. وأنشدوا:

  أتهجر بيتا بالحجاز تلفّت ... به الخوف والأعداء من كلّ جانب⁣(⁣١)

  ذهب بالخوف إلى المخافة. وقال لبيد:

  فمضى وقدّمها وكانت عادة ... منه إذا هى عرّدت إقدامها⁣(⁣٢)

  إن شئت قلت: أنّث الإقدام لمّا كان فى معنى التقدمة. وإن شئت قلت: ذهب إلى تأنيث العادة، كما ذهب إلى تأنيث الحاجة فى قوله: (ما جاءت حاجتك) وقال:

  يا أيها الراكب المزجى مطيته ... سائل بنى أسد ما هذه الصوت⁣(⁣٣)

  ذهب إلى تأنيث الاستغاثة. وحكى الأصمعىّ عن أبى عمرو أنه سمع رجلا من أهل اليمن يقول: فلان لغوب، جاءته كتابى فاحتقرها! فقلت له: أتقول: جاءته


(١) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ١/ ١٣، ولسان العرب (خوف). ويروى عجزه:

*به الخوف والأعداء أم أنت زائره*

(٢) البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة فى ديوانه ص ٣٠٦، والأشباه والنظائر ٥/ ٢٥٥، ولسان العرب (عرد)، (قدم)، وكتاب العين ٢/ ٣٢. التعريد: الانهزام وترك القصد.

(٣) البيت من البسيط، وهو لرويشد بن كثير الطائى فى الدرر ٦/ ٢٣٩، وسر صناعة الإعراب ص ١١، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٦٦، وشرح المفصل ٥/ ٩٥، ولسان العرب (صوت)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢/ ١٠٣، ٥/ ٢٣٧، والإنصاف ص ٧٧٣، وتخليص الشواهد ص ١٤٨، وخزانة الأدب ٤/ ٢٢١، وهمع الهوامع ٢/ ١٥٧.