الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى إقرار الألفاظ على أوضاعها الأول

صفحة 221 - الجزء 2

  وذهب قطرب إلى أن (أو) قد تكون بمعنى الواو، وأنشد بيت النابغة:

  قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد⁣(⁣١)

  فقال: معناه: ونصفه. ولعمرى، إن كذا معناه. وكيف لا يكون كذلك ولا بدّ منه، وقد كثرت فيه الرواية أيضا بالواو: ونصفه. لكن هناك مذهب يمكن معه أن يبقى الحرف على أصل وضعه: من كون الشكّ فيه؛ وهو أن يكون تقديره: ليتما هذا الحمام لنا (إلى حمامتنا) أو هو ونصفه. فحذف المعطوف عليها وحرف العطف؛ على ما قدمناه فى قوله ø: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً}⁣[البقرة: ٦٠] أى فضرب فانفجرت. وعليه قول الآخر:

  ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث ... إلى ذا كما ما غيبتنى غيابيا⁣(⁣٢)

  أى شهرين أو شهرين ونصف ثالث، ألا تراك لا تقول مبتدئا: لبثت نصف ثالث؛ لأن ثالثا من الأسماء المضمّنة بما معها. ودعانا إلى هذا التأوّل السعى فى إقرار (هذه) اللفظة على أوّل أحوالها.

  فأمّا قول الله سبحانه: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}⁣[الصافات: ١٤٧] فلا يكون فيه (أو) على مذهب الفرّاء بمعنى بل، ولا على مذهب قطرب فى أنها بمعنى


= من أهل اليمامة فى جمهرة اللغة ص ٢٩٢، وبلا نسبة فى شرح المفصل ٨/ ٧٩، ٩/ ٤٨، ولسان العرب (سوق)، والمقرب ٢/ ١٨٢، والممتع فى التصريف ص ٤١١.

(١) البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٢٤، والأزهيّة ص ٨٩، ١١٤، والأغانى ١١/ ٣١، والإنصاف ٢/ ٤٧٩، وتخليص الشواهد ص ٣٦٢، وتذكرة النحاة ص ٣٥٣، وخزانة الأدب ١٠/ ٢٥١، ٢٥٣، والدرر ١/ ٢١٦، ٢/ ٢٠٤، ورصف المبانى ص ٢٩٩، وشرح شواهد المغنى ١/ ٧٥، ٢٠٠، ٢/ ٦٩٠، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٣، وشرح المفصل ٨/ ٥٨، والكتاب ٢/ ١٣٧، واللمع ص ٣٢٠، ومغنى اللبيب ١/ ٦٣، ٢٨٦، ٣٠٨، والمقاصد النحوية ٢/ ٢٥٤، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١/ ٣٤٩، وخزانة الأدب ٦/ ١٥٧، وشرح الأشمونى ١/ ١٤٣، وشرح قطر الندى ص ١٥١، ولسان العرب (قدد)، والمقرب ١/ ١١٠، وهمع الهوامع ١/ ٦٥.

(٢) البيت من الطويل، وهو لابن أحمر فى ديوانه ص ١٧١، والأزهيّة ص ١١٥، وخزانة الأدب ٥/ ٩، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢/ ٤٨٣، والمحتسب ٢/ ٢٢٧.