الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى أن ما لا يكون للأمر وحده

صفحة 239 - الجزء 2

  ولا يكون أفعول إلا للمدّ؛ ألا ترى أنك لا تستفيد بهمزة أفعول وواوه معنى مخصوصا؛ كما تستفيد بميم مفعول وواوه معنى مخصوصا، وهو إفادة اسم المفعول. فهذا من طريق التأمّل واضح. وإذا كان كذلك فكذلك إفعيل لا يكون ملحقا. وأبين منه باب إفعال؛ لأنه موضوع للمعنى وهو المصدر؛ نحو الإسلام والإكرام. والمعنى أغلب على المثال من الإلحاق. وكذلك باب أفعال؛ لأنه موضوع للتكسير؛ كأقتاب وأرسان.

  فإن قلت: فقد جاء عنهم نحو إمخاض، وإسنام⁣(⁣١)، (وإصحاب) وإطنابة⁣(⁣٢)، قيل: هذا فى الأسماء قليل جدّا، وإنما بابه المصادر ألبتّة. وكذلك ما جاء عنهم من وصف الواحد بمثال أفعال؛ نحو برمة أعشار، وجفنة أكسار، وثوب أكباش⁣(⁣٣) وتلك الأحرف المحفوظة فى هذا. إنما هى على أن جعل كل جزء منها عشرا وكسرا وكبشا. وكذلك كبد أفلاذ⁣(⁣٤)، وثوب أهباب وأخباب، وحبل أرمام⁣(⁣٥) وأرماث وأقطاع وأحذاق، وثوب أسماط؛ كل هذا متأوّل فيه معنى الجمع.

  وكذلك مفعيل ومفعول ومفعال ومفعل: ليس شيء من ذلك ملحقا؛ لأن أصل زيادة الميم فى الأوّل إنما هى لمعنى، وهذه غير طريق الإلحاق. ولهذا ادّغموه فقالوا: مصكّ ومتلّ ونحوهما. وأمّا أفاعل كأحامر وأجارد وأباتر⁣(⁣٦)، فلا تكون الهمزة فيه والألف للإلحاق بباب قذعمل⁣(⁣٧). ومن أدلّ الدليل على ذلك أنك لا تصرف شيئا من ذلك علما. وذلك لما فيه من التعريف ومثال الفعل؛ (لأنّ) أجارد وأباترا جار مجرى أضارب وأقاتل. وإذا جرى مجراه فقد لحق فى المثال به، والهمزة فى ذلك إنما هى فى أصل هذا المثال للمضارعة، والألف هى ألف فاعل فى جارد وباتر لو نطقوا به، وهى كما تعلم للمعنى كألف ضارب وقاتل. فكل


(١) الأسنام: ثمر الحلىّ.

(٢) الإطنابة: المظلة.

(٣) هو ضرب من برود اليمن.

(٤) أى قطع.

(٥) أخباب وأرمام. أى بال قديم.

(٦) أحامر: اسم جبل، وموضع بالمدينة. وأجارد: اسم موضع. وأباتر: هو القاطع لرحمه.

(٧) قذعمل: هو الضخم من الإبل.