باب فى أن ما لا يكون للأمر وحده
  واحد من الحرفين إذا إنما هو للمعنى، (وكونه) للمعنى أشدّ شيء إبعادا له عن الإلحاق؛ لتضادّ القضيتين عليه؛ من حيث كان الإلحاق طريقا صناعيا لفظيا، والمعنى طريقا مفيدا معنويا. وهاتان طريقتان متعاديتان. وقد فرغنا منهما فيما قبل.
  وأيضا فإن الألف لا تكون للإلحاق حشوا أبدا، إنما تكون له إذا وقعت طرفا لا غير، كأرطى ومعزى وحبنطى. وقد تقدّم ذلك أيضا.
  ولا يكون أجارد أيضا ملحقا بعذافر؛ لما قدّمناه: من أن الزيادة فى الأوّل لا تكون للإلحاق، إلا أن يقترن بها حرف غير مدّ؛ كنون ألندد وواو إزمول(١) وإسحوف(٢) وإدرون(٣)؛ لكن دواسر(٤) ملحق بعذافر(٥). ومثله عياهم(٦). وكذلك كوألل(٧) ملحق بسبهلل الملحق بهمرجل(٨). وأدلّ دليل على إلحاقه ظهور تضعيفه، أعنى كوأللا. ومثله سبهلل. فاعرفه.
  ومثل طومار - عندنا - ديماس(٩) فيمن قال: دياميس، وديباج فيمن قال: ديابيج؛ هو ملحق بقرطاس؛ (كما أن طومارا ملحق بفسطاط). وساغ أن تكون الواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها للإلحاق من حيث كانتا لا تجاوران الطّرف بحيث يتمكّن المدّ. وذلك أنك لو بنيت مثل طومار أو ديماس من سألت لقلت: سوآل وسيئال؛ فإن خففت حركت كل واحد من الحرفين بحركة الهمزة التى بعده، فقلت: سوال وسيال، ولم تقلب الهمزة وتدغم فيها الحرف؛ كمقروّ والنسىّ؛ لأن الحرفين تقدّما عن الموضع الذى يقوى فيه حكم المدّ وهو جواره الطرف. وقد تقدّم ذلك.
  فتأمل هذه المواضع التى أريتكها؛ (فإن أحدا من أصحابنا لم يذكر شيئا منها).
(١) إزمول: هو المصوّت من الوعول وغيرها.
(٢) إسحوف: هى الناقة الكثيرة اللبن.
(٣) إدرون: هو معلف الدابة.
(٤) دواسر: هو الشديد الضخم.
(٥) عذافر: هو الأسد، والعظيم الشديد من الإبل.
(٦) عياهم: هو الماضى السريع من الإبل.
(٧) كوألل: هو القصير.
(٨) بهمرجل: هو الخفيف العجل.
(٩) ديماس: من معانيه الحمّام.