باب فى اللفظ يرد محتملا لأمرين
  ومن ذلك قوله:
  إلا يكن مال يثاب فإنه ... سيأتى ثنائى زيدا بن مهلهل(١)
  فالوجه أن يكون (ابن مهلهل) بدلا من زيد لا وصفا له؛ لأنه لو كان وصفا لحذف تنوينه، فقيل: زيد بن مهلهل. ويجوز أيضا أن يكون وصفا أخرج على أصله؛ ككثير من الأشياء تخرج على أصولها تنبيها على أوائل أحوالها؛ كقول الله سبحانه: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ}[المجادلة: ١٩] (ونحوه).
  ومثله قول الآخر:
  *جارية من قيس بن ثعلبه(٢) *
  القول فى البيتين سواء.
  والقول فى هذا واضح؛ ألا ترى أن العالم الواحد قد يجيب فى الشئ الواحد أجوبة وإن كان بعضها أقوى من بعض، ولا تمنعه قوّة القوىّ من إجازة الوجه الآخر، إذ كان من مذاهبهم وعلى سمت كلامهم، كرجل له عدّة أولاد، فكلهم ولد له ولا حق به، وإن تفاوتت أحوالهم فى نفسه. فإذا رأيت العالم قد أفتى فى شيء من ذلك بأحد الأجوبة الجائزة فيه فلأنه وضع يده على أظهرها عنده، فأفتى به وإن كان مجيزا للآخر وقائلا به؛ ألا ترى إلى قول سيبويه فى قولهم: له مائة بيضا: إنه حال من النكرة؛ وإن كان جائزا أن يكون (بيضا) حالا من الضمير المعرفة المرفوع فى (له). وعلى ذلك حمل قوله:
  *لعزّة موحشا طلل(٣) *
(١) البيت من الطويل، وهو للحطيئة فى ديوانه ص ١٧٢، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٥٣١، وشرح المفصل ٢/ ٦.
(٢) الرجز للأغلب العجلىّ فى ديوانه ص ١٤٨، ولسان العرب (ثعلب)، (حلا)، وأساس البلاغة ص ٣٧٢، (قعب)، وخزانة الأدب ٢/ ٢٣٦، والدرر ٣/ ٣٦، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣١٢، وشرح المفصل ٢/ ٦، والكتاب ٣/ ٥٠٦، وتاج العروس (قبب)، (قعب)، (خلل)، (حلى)، وبلا نسبة فى لسان العرب (قبب)، والمخصص ١٢/ ٢٢، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٥٣٠، وشرح التصريح ٢/ ١٧٠، وهمع الهوامع ١/ ١٧٦، وتاج العروس (الياء). وبعده:
*كريمة أخولها والعصبة*
(٣) جزء من بيت وهو من الوافر، لكثير عزة فى ملحق ديوانه ص ٥٣٦، وشرح التصريح =