الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى التغييرين يعترضان فى المثال الواحد

صفحة 261 - الجزء 2

  القول إذا قلت: قيّل. فكما تقول الجماعة فى فعل من قيّل هذا قوول، وتجرى ياء فيعل مجرى ألف فاعل، كذلك قال الخليل فى فعل مما ذكرنا: أووم. فقياسه هنا أيضا أن يقول فى فعيل من البيع: بويع. بل إذا لم يدغم الخليل الفاء فى العين - وهى أختها (وتليّتها)⁣(⁣١) وهى مع ذلك من لفظها - فى أووم، حتى أجراها مجرى قوله:

  * وفاحم دووى حتى اعلنكسا⁣(⁣٢) *

  فألا يدغم عين بويع فى يائه - ولم يجتمعا فى كونهما أختين، ولا هما أيضا فى اللفظ الواحد شريكتان - أجدر بالوجوب.

  ولو بنيت مثل عوّارة من القول لقلت على مذهب الجماعة: قوّالة، بالادغام، وعلى قول الخليل أيضا كذلك؛ لأن العين لم تنقلب فتشبه عنده ألف فاعل. لكن يجيء على قياس قوله أن يقول فى فعول من القول: قيول؛ لأن العين لمّا انقلبت أشبهت الزائد. يقول: فكما لا تدغم بويع فكذلك لا تدغم قيول. اللهم إلا أن تفصل فتقول: راعيت فى بويع ما لا يدغم وهو ألف فاعل فلم أدغم، وقيول بضدّ ذلك؛ لأن ياءه بدل من عين القول، وادّغامها فى قوّل وقوّل والتقوّل ونحو ذلك جائز حسن، فأنا أيضا أدغمها فأقول: قيّل. وهذا وجه حسن.

  فهذا فصل اتصل بما كنا عليه. فاعرفه متصلا به بإذن الله.

  * * *


(١) تليتها: تابعتها.

(٢) الرجز للعجاج فى ديوانه ١/ ١٨٩، ولسان العرب (٦/ ١٤٧) (علكس)، ١٤/ ٢٨٠ (دوا)، وتهذيب اللغة ٣/ ٣٠٢، وتاج العروس (علكس)، (دوى)، وديوان الأدب ٢/ ٤٩١، وكتاب العين ٢/ ٣٠٤، ويروى (بفاحم) مكان (وفاحم). الفاحم: الشعر الأسود. دووى: عولج. اعلنكسا: اشتد سواده وكثر.