باب فى التغييرين يعترضان فى المثال الواحد
  مثل عليب(١) من البيع؟ فجوابه على قول النحويين سوى الخليل بيّع. ادغمت عين فعيل فى يائه، فجرى فى اللفظ مجرى فعّل من الياء؛ نحو قوله:
  * وإذا هم نزلوا فمأوى العيّل(٢) *
  وقوله:
  كأنّ ريح المسك والقرنفل ... نباته بين التّلاع السّيّل(٣)
  فإن قلت: فهلّا فصلت فى فعيل بين العين والياء وبين العينين (كما فصلت فى فعول وفعّل بين العين والواو وبين العينين؟)
  قيل: الفرق أنك لمّا أبدلت عين قوّل وأنت تريد به مثال فعول صرت إلى قيول، فقلبت أيضا الواو ياء، فصرت إلى قيّل. وأما فعيل من البيع فلو أبدلت عينه واوا للضمة قبلها، لصرت إلى بويع. فإذا صرت إلى هنا لزمك أن تعيد الواو ياء لوقوع الياء بعدها، فتقول: بيّع، ولم تجد طريقا إلى قلب الياء واوا لوقوع الواو قبلها؛ كما وجدت السبيل إلى قلب الواو فى قيول ياء لوقوع الياء قبلها؛ لأن الشرط فى اجتماع الياء والواو أن تقلب الواو للياء؛ لا أن تقلب الياء للواو.
  (وذلك) كسيّد وميّت وطويت طيّا وشويت شيّا. فلهذا قلنا فى فعيل من البيع: بيّع، فجرى فى اللفظ مجرى فعّل منه، وقلنا فى فعول من القول: قيّل، فلم يجر مجرى فعّل منه.
  وأمّا قياس قول الخليل فى فعيل من البيع فأن تقول: بويع؛ ألا تراه يجرى الأصل فى نحو هذا مجرى الزائد، فيقول فى فعل من أفعلت من اليوم على من قال: أطولت: أووم، فتجرى ياء أيم الأولى وإن كانت فاء مجرى ياء فيعل من
(١) عليب: موضع.
(٢) عجز البيت من الكامل، وهو لأبى كبير الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٠٧٥، وبلا نسبة فى شرح لمفصل ١٠/ ٣١، ويروى (فإذا مكان من (وإذا) وصدره:
* تحمى الصحاب إذا تكون كريهة*
والعيّل: جمع العائل، وهو الفقير.
(٣) الرجز لأبى النجم فى سر صناعة الإعراب ٢/ ٥٨٦، وشرح المفصل ١٠/ ٣١، والطرائف الأدبية ص ٧١.