الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى اختصاص الأعلام بما لا يكون مثله فى الأجناس

صفحة 275 - الجزء 2

  فمنه ما جاء مصحّحا مع وجود سبب العلّة فيه، وذلك نحو محبب، وثهلل، ومريم، ومكوزة، ومدين. ومنه معدى كرب؛ ألا تراه بنى مفعلا ممّا لامه حرف علّة، وذلك غير معروف فى هذا الموضع. وإنما يأتى (فى ذلك مفعل) بفتح للعين؛ نحو المدعى والمقضى والمشتى. وعلى أنه قد شذّ فى الأجناس شيء من ذلك، وهو قول بعضهم: مأوى الإبل بكسر العين. فأما مأق⁣(⁣١) فليس من هذا.

  ومن ذلك قولهم فى العلم: موظب، ومورق وموهب. وذلك أنه بنى مما فاؤه واو مثال مفعل. وهذا إنما يجيء أبدا على مفعل - بكسر العين - نحو الموضع، والموقع، والمورد، والموعد، والموجدة.

  وأما موألة علما فإن كان من وأل أى نجا فهو من هذا؛ وإن كان من قولهم: جاءنى وما (مألت مأله)⁣(⁣٢) وما شأنت⁣(⁣٣) شأنه، فإنه فوعل، و (هذا على هذا) سرح: سهل.

  ومن ذلك قولهم فى العلم: حيوة. وهذه صورة لو لا العلميّة لم يجز مثلها؛ لاجتماع الياء والواو، وسبق الأولى منهما بالسكون. وعلّة مجئ هذه الأعلام مخالفة للأجناس هو ما (هى عليه) من كثرة استعمالها، وهم لما كثر استعماله أشدّ تغييرا، فكما جاءت هذه الأسماء فى الحكاية مخالفة لغيرها؛ نحو قولك فى جواب مررت بزيد: من زيد، ولقيت عمرا: من عمرا، كذلك تخطّوا إلى تغييرها فى ذواتها بما قدّمنا ذكره. وهذا من تدريج اللغة الذى قدّمنا شرحه (فيما مضى).

  * * *


(١) قال فى اللسان: «... ويهمز فيقال مأقى، وليس لهذا نظير فى كلام العرب، فيما قال نصير النحوى، لأن ألف كل فاعل من بنات الأربعة مثل داع وقاض ورام وعال لا يهمز، وحكى الهمز فى مأقى خاصة الفراء فى باب مفعل: ما كان من ذوات الياء والواو من دعوت وقضيت فالمفعل فيه مفتوح، اسما كان أو مصدرا، إلا المأقى من العين، فإن العرب كسرت هذا الحرف» انظر اللسان (مأق).

(٢) يقال: جاءه أمر ما مأل له مألا وما مأل مأله؛ أى لم يستعدّ له ولم يشعر به؛ وما تهيأ له. لسان العرب (مأل).

(٣) ما شأنت شأنه: أى ما علمت به.