باب فى تسمية الفعل
  أى مداولة بعد مداولة. فهذا على العموم، لا على دولتين ثنتين. وكذلك قولهم: دهدرّين أى بطل بطلا بعد بطل.
  ومنها وجود الجمع فيها فى هيهات، والجمع مما (يختصّ بالاسم). ومنها وجود التأنيث فيها فى هيهاة وهيهات وأولاة الآن وأفّى، والتأنيث بالهاء والألف من خواصّ الأسماء. ومنها الإضافة، وهى قولهم: دونك، وعندك، ووراءك، ومكانك، وفرطك، وحذرك. ومنها وجود لام التعريف فيها؛ نحو النجاءك. فهذا اسم انج. ومنها التحقير، وهو من خواصّ الأسماء. وذلك قولهم: رويدك.
  وببعض هذا ما (يثبت ما دعواه) أضعاف هذا.
  فإن قيل: فقد ثبت بما أوردته كون هذه الكلم أسماء، ولكن ليت شعرى ما كانت الفائدة فى التسمية لهذه الأفعال بها؟
  فالجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه:
  أحدها السّعة فى اللغة، ألا تراك لو احتجت فى قافية بوزن قوله:
  * قدنا إلى الشأم جياد المصرين*
  لأمكنك أن تجعل إحدى قوافيها «دهدرّين»، ولو جعلت هنا ما هذا اسمه - وهو بطل - لفسد وبطل. وهذا واضح.
  والآخر المبالغة. وذلك أنك فى المبالغة لا بدّ أن تترك موضعا إلى موضع، إما لفظا إلى لفظ، وإما جنسا إلى جنس، فاللفظ كقولك: عراض، فهذا قد تركت فيه لفظ عريض. فعراض إذا أبلغ من عريض. وكذلك رجل حسّان ووضاء؛ فهو أبلغ من قولك: حسن، ووضيء، وكرّام أبلغ من كريم؛ لأن كريما على كرم، وهو الباب، وكرّام خارج عنه. فهذا أشدّ مبالغة من كريم. قال الأصمعىّ: الشئ إذا فاق فى جنسه قيل له: خارجىّ. وتفسير هذا ما نحن بسبيله، وذلك أنه لمّا خرج عن معهود حاله أخرج أيضا عن معهود لفظه. ولذلك أيضا إذا أريد بالفعل المبالغة فى معناه، أخرج عن معتاد حاله من التصرف فمنعه. وذلك نعم وبئس وفعل التعجب. ويشهد لقول الأصمعىّ بيت طفيل: