الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى اقتضاء الموضع لك

صفحة 293 - الجزء 2

باب فى اقتضاء الموضع لك

  لفظا هو معك إلا أنه ليس بصاحبك

  من ذلك قولهم: لا رجل عندك ولا غلام لك؛ ف (لا) هذه ناصبة اسمها، وهو مفتوح، إلا أن الفتحة فيه ليست فتحة النصب التى تتقاضاها (لا) إنما هذه فتحة بناء وقعت موقع فتحة الإعراب الذى هو عمل لا فى المضاف؛ نحو لا غلام رجل عندك، والممطول⁣(⁣١)؛ نحو لا خيرا من زيد فيها.

  وأصنع من هذا قولك: لا خمسة عشر لك، فهذه الفتحة الآن فى راء (عشر) فتحة بناء التركيب فى هذين الاسمين، وهى واقعة موقع فتحة البناء فى قولك: لا رجل عندك، وفتحة لام رجل واقعة موقع فتحة الإعراب فى قولك: لا غلام رجل فيها، ولا خيرا منك عنده. ويدلّ على أن فتحة راء (عشر) من قولك: لا خمسة عشر عندك هى فتحة تركيب الاسمين لا التى تحدثها (لا) فى نحو قولك: لا غلام لك أن (خمسة عشر) لا يغيّرها العامل الأقوى، أعنى الفعل فى قولك جاءنى خمسة عشر، والجارّ فى نحو قولك: مررت بخمسة عشر. فإذا كان العامل الأقوى لا يؤثّر فيها فالعامل الأضعف الذى هو (لا) أحجى بألا يغيّر، فعلمت بذلك أن فتحة راء عشر من قولك: لا خمسة عشر لك إنما هى فتحة (للتركيب لا فتحة للإعراب؛ فصحّ بهذا أن فتحة راء عشر من قولك: لا خمسة عشر لك إنما هى فتحة) بناء واقعة موقع حركة الإعراب، والحركات كلها من جنس واحد وهو الفتح.

  ومن ذلك قولك: مررت بغلامى. فالميم موضع جرّة الإعراب المستحقّة بالباء، والكسرة فيها ليست الموجبة بحرف الجرّ، إنما هذه هى التى تصحب ياء المتكلم فى الصحيح؛ نحو هذا غلامى، ورأيت غلامى؛ فثباتها فى الرفع والنصب يؤذنك أنها ليست كسرة الإعراب، وإن كانت بلفظها.


(١) اسم ممطول: طال بإضافة أو صلة، استعمله سيبويه فيما طال من الأسماء: كعشرين رجلا، وخيرا منك، إذا سمّى بهما رجل. اللسان (مطل).