باب فى أن الحكم للطارئ
  الاسم قبلها قائمة برأسها؛ وذلك نحو قائمة وعاقلة وظريفة، وكذلك حال ياءي الإضافة؛ نحو زيدىّ (وبكرىّ) ومحمدىّ؛ وكذلك ما فيه الألف والتاء؛ نحو هندات وزينبات؛ إنما يلحقان ما يدخلان عليه من عجزه وبعد تمام صيغته، فإذا أنت حذفت شيئا من ذلك فإنك لم تعرض لنفس الصيغة بتحريف، وإنما اخترمت زيادة عليها واردة بعد الفراغ من بنيتها، فإذا أنت حذفتها وجئت بغيرها ممّا يقوم مقامها فكأن لم تحدث حدثا، ولم تستأنف فى ذلك عملا. وأما باب مفاعل فإنك إن اعتزمت تكسيرها لزمك حذف ألف تكسيرها، و (نقض) المشاهد من صورتها؛ واستئناف صيغة مجدّدة وصنعة مستحدثة. ثم مع هذا فإن اللفظ الأوّل والثانى واحد، وأنت قد هدمت الصورة هدما، ولم تبق لها أمارة ولا رسما، وإنما اقترحت صورة أخرى (مثل المستهلكة) الأولى.
  وكذلك ما جاء عنهم من تكسير فعل على فعل؛ كالفلك فى قول سيبويه. لمّا كسّرته على الفلك فأنت إنما غيّرت اعتقادك فى الصفة، فزعمت أن ضمة فاء الفلك فى الواحد كضمّة دال درج وباء برج، وضمتها فى الجمع كضمة همزة أسد وأثن جمع أسد ووثن؛ إلا أن صورة فلك فى الواحد هى صورته فى الجمع، لم تنقص منها رسما، وإنما استحدثت لها اعتقادا وتوهما. وليست كذلك مساجد؛ لأنك لو تجشّمت تكسيرها على مساجد أيضا، حذفت الألف ونقضت الصيغة، واستحدثت للتكسير المستأنف ألفا أخرى، وصورة غير الأولى. وإنما ألف مساجد لو اعتزمت تكسيرها كألف عذافر (وخرافج)(١) (وألف تكسيره كألف عذافر وخرافج). فهذا فرق.
  ومن غلبة حكم الطارئ حذف التنوين للإضافة؛ نحو غلام زيد، وصاحب عمرو. وذلك لأنهما ضدّان؛ ألا ترى أن التنوين مؤذن بتمام ما دخل عليه، والإضافة حاكمة بنقص المضاف وقوّة حاجته إلى ما بعده. فلمّا كانت هاتان الصفتان على ما ذكرنا، تعادتا وتنافتا، فلم يمكن اجتماع علامتيهما. وأيضا فإن التنوين علم للتنكير، والإضافة موضوعة للتعريف، وهاتان أيضا قضيّتان متدافعتان، إلا أن الحكم للطارئ من العلمين، وهو الإضافة؛ ألا ترى أن الإفراد
(١) يقال: نبت خرافج: غضّ، وعيش خرافج: واسع.