الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب القول على النحو

صفحة 88 - الجزء 1

باب القول على النحو

  هو انتحاء سمت كلام العرب، فى تصرفه من إعراب وغيره؛ كالتثنية، والجمع، والتحقير⁣(⁣١)، والتكسير والإضافة، والنسب، والتركيب، وغير ذلك، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها فى الفصاحة، فينطق بها وإن لم يكن منهم؛ وإن شذّ بعضهم عنها ردّ به إليها. وهو فى الأصل مصدر شائع⁣(⁣٢)، أى نحوت نحوا، كقولك: قصدت قصدا، ثم خصّ به انتحاء هذا القبيل من العلم، كما أنّ الفقه فى الأصل مصدر فقهت الشئ أى عرفته، ثم خصّ به علم الشريعة من التحليل والتحريم؛ وكما أن بيت الله خصّ به الكعبة، وإن كانت البيوت كلّها لله. وله نظائر فى قصر ما كان شائعا فى جنسه على أحد أنواعه. وقد استعملته العرب ظرفا، وأصله المصدر.

  أنشد أبو الحسن:

  ترمى الأماعيز بمجمرات ... بأرجل روح مجنّبات

  يحدو بها كلّ فتى هيّات ... وهنّ نحو البيت عامدات⁣(⁣٣)


(١) أى التصغير.

(٢) أى دلالته ليست قاصرة على انتحاء قواعد النحو بل على مطلق الانتحاء.

(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (هيت)، (نحا)، (وحى)، والمحتسب ١/ ٣١٧، والمقاصد النحوية ١/ ١٢٤، وأساس البلاغة (هيت)، وتاج العروس (وحى). وقبل الشطر الثانى فى البيت الثانى:

* تلقاه بعد الوهن ذا وحاة*

الأماعيز جمع أمعز، والأمعز والمعزاء: الأرض الحزنة الغليظة ذات الحجارة، والجمع الأماعز والمعز، ولكن الشاعر أضاف الياء فى الأماعيز للوزن. والمجمرات: خفاف صلبة، من قولهم: خفّ مجمر. وروح: جمع روحاء، من قولهم: رجل روحاء إذا كان فى القدم انبساط واتساع. وقوله: (مجنبات) ورد فى بعض النسخ: (محنبات) بالحاء المهملة. وتجنيب الرجل ما فيها من انحناء وتوقير، وكذا التحنيب أيضا، والكلام فى وصف إبل. وهيّات: مبالغة من قولهم: هيّت بالرجل، وهوّت به: صوت به وصاح، ودعاه، والتهييت الصوت بالناس. اللسان «هيت» والمقصود أنه يصيح بها ويقول: هيت هيت أى: أقبلى.