باب القول على الإعراب
  (وأصحيح)(١) هو أم سقيم؟ وغير ذلك.
  وأصل هذا كله قولهم «العرب» وذلك لما يعزى إليها من الفصاحة، والإعراب، والبيان. ومنه قوله فى الحديث «الثّيب تعرب عن نفسها»(٢) والمعرب: صاحب الخيل العراب، وعليه قول الشاعر:
  ويصهل فى مثل جوف الطوىّ ... صهيلا يبيّن للمعرب(٣)
  أى إذا سمع صاحب الخيل العراب صوته علم أنه عربىّ. ومنه عندى عروبة والعروبة للجمعة(٤)، وذلك أنّ يوم الجمعة أظهر أمرا من بقيّة أيام الأسبوع؛ لما فيه من التأهب لها، والتوجه إليها، وقوة الإشعار بها؛ قال:
  * يوائم رهطا للعروبة صيما(٥) *
  ولما كانت معانى المسمّين مختلفة كان الإعراب الدالّ عليها مختلفا أيضا، وكأنه من قولهم: عربت معدته، أى فسدت، كأنها استحالت من حال إلى حال، كاستحالة الإعراب من صورة إلى صورة. وفى هذا كاف بإذن الله.
(١) كذا فى الأصول بتقديم العاطف على أداة الاستفهام والاستفهام له الصدر. والاستعمال الصحيح: «أو صحيح». (نجار). قلت: وقد يتأخر الاستفهام عن الصدارة كما فى قولهم: «فكان ما ذا) ونحوه.
(٢) «صحيح»: أخرجه أحمد وابن ماجة عن عميرة الكندى، وانظر صحيح لجامع (ح ٣٠٨٤)، وراجع الإرواء (١٨٣٦).
(٣) البيت من المتقارب، وهو للنابغة الجعدىّ فى ديوانه ص ٢٣، ولسان العرب (عرب)، وتهذيب اللغة ٢/ ٣٦٥، وكتاب الجيم ٢/ ٢٤٧، وسمط اللآلى ٤١٤، وتاج العروس (عرب)، وبلا نسبة فى المخصص ٦/ ١٧٧، وجمهرة اللغة ص ٣١٩. ويروى تبيّن بدلا من يبين. «فى مثل جوف الطوىّ» - ويروى الركىّ، وكلاهما البئر - يصف سعة جوفه، كأن جوفه بئر، أو أنه يصف شدّة صهيله لأن الصوت يبين فى البئر، ويذكر أنه مجفر: عظيم الجنبين.
(٤) يريد أن عروبة - ممنوعة من الصرف - والعروبة معناهما الجمعة. وعبارة اللسان: وعروبة والعروبة كلتاهما الجمعة.
(٥) صدره كما فى شرح المفصل ٩٣/ ١٠:
* فبات عذوبا للسماء كأنما*
وقوله: عذوبا أى لم يذق شيئا، وقوله للسماء أى باديا للسماء ليس بينه وبينها ستر. وقوله: يوائم أى يوافق ويفعل ما يفعلون، وصيما: قياما: يريد قوما يصلون الجمعة. وهذا فى وصف بعير ظل قائما لا يضع رأسه للمرعى. وانظر خلق الإبل للأصمعى فى مجموعة الكنز اللغوى ١٣٢.